أن تعبد الله هذا هو الأصل وهو المأمور به شرعا.. لن أن تذوق حلاوة هذه العبادة فذلك هو الفضل من الله تعالى عليك..
كثيرون يسمعون عن حلاوة الإيمان.. ولذة الطاعة.. وحلاوة الأنس بالله وغير ذلك من المسميات التي تدل على أن هناك شيئا ما يصل عليه من يعبد الله بإخلاص وهذه حقيقة فللإيمان حلاوة وطعم لا يمكن وصفها ولا الاستمتاع بها إلا من ذاقها وقد قيل قديما .. من ذاق عرف.
طعم الإيمان:
ومما يدل على أن للإيمان حلاوة «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ، مَنْ رَضِيَ بِالله رَبًّا، وَبِالإِسْلامَ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً»، وفي الحديث عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار".. ولا يخفى أن التلذذ بالعبادة والأنس بها لا يحصل إلا بعد مزيد مجاهدة النفس عليها، وحملها على فعلها حتى تصير لها هي قرة العين وبهجة النفس ونعيم الروح، وبهذا يرجا حصول لذة العبادة كذلك لمن أخذ بأسباب محبة الله -تعالى-، فمهما اجتهدت في تحصيل محبته -سبحانه- حتى يكون هو أحب شيء إليك.
مجاهدة النفس:
ولا شك إن الشيطان لن يدعك عبر إلى الله دون أن يعترضك ولذا كان طريق الجنة محفوف بالمكاره ومن هنا فإن أولى العدد التي يتسلح بها المؤمن في طريقه إلى الله هي مجاهدة النفس فبمجاهدتك نفسك على فعل الطاعات ـ وإن كانت نفسك تأبى وتستعصي عليك ـ مأجور ومثاب ـ بإذن الله ـ فإن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، وعليك بالاستمرار في مجاهدة نفسك، فإنك إن مضيت في هذا الطريق صارت العبادة همتك وصرت تؤديها بطيب نفس وانشراح صدر، والالتذاذ بالطاعة والأنس بها لا يحصل إلا بعد تحمل ألم المجاهدة وعناء قمع النفس التي تتأبى وتستعصي، قال ابن القيم ـ رحمه الله: اجعل هذه المعاملة منك صادرة عن سماحة وطيبة نفس وانشراح صدر، لا عن كظم وضيق ومصابرة، فإن ذلك دليل على أن هذا ليس في خلقك وإنما هو تكلف يوشك أن يزول ويظهر حكم الخلق صريحا فتفتضح، وليس المقصود إلا إصلاح الباطن والسر والقلب، وهذا الذي قاله الشيخ ـ يعني الهروي رحمه الله - لا يمكن إلا بعد العبور على جسر المصابرة والكظم فإذا تمكن منه أفضى به إلى هذه المنزلة وحملها على الطاعة كيف فإنك ستلتذ بما تفعله تقربا إليه ولا بد، وانظر لبيان الأسباب الجالبة للمحبة.
كيف أذوق حلاوة الإيمان؟
ولكي تذوق حلاوة القرب لابد اولا من القرب والقرب من الله يكون بعباته وفق ما شرع مخلصا له الدين، وبمجالسة الصالحين، والحرص على إيجاد البيئة الإيمانية التي تشعر معها بالسكينة والراحة والطمأنينة، وأن تلزم ذكر الله وتكثر منه ما استطعت فبهذا تطمئن القلوب، ثم عليك بالدعاء بأن يرزقك الله حلاوة الإيمان ولذة العبادة وان يمن عليك بالإيمان لتذوق حلاوته.