يبين الداعية الإسلامي د. عادل هندي  الأستاذ بجامعة الأزهر أن الإسلام أوصى بالجار، وأعلى من قدره؛ وجعل للجار حرمة مصونة، كما جعل له حقوقًا كثيرة لم تعرفها قوانين الأخلاق، ولا شرائع البشر، لكنها قوانين رب البشر.

ويضيف أن من عظيم حق الجار على جاره أن اعتبرت  إساءة الجوار من علامات الساعة؛ حيث لا أمان ولا محبة ولا قربى، كما  أن أول خصمين يوم القيامة: جاران، ولا يخفى أن الإحسان إلى الجار خصلة جليلة من الخصال الكريمة وهي إحدى الأعمال التي بسببها ينال العبد عذابًا أليمًا من الله تعالى، كما المرأة التي كانت تؤذي جيرانها بلسانها، وعلى الرغم من صيامها استحقت النار.

ويلفت إلى أنه بالنظر في نصوص الإسلام من قرآن وسنة يتبين أن رايتها للجار لم تكون من الأمور الثانوية لكنها حقوق مؤكدة راعاها للجار على جاره وأكد عليها في كل الأحوال، فالإحسان إلى الجار لبنة قويمة في بناء النظام الاجتماعي الإسلامي ولذا اهتم الكتاب العزيز بحق الجيرة والجيران ونبه المسلمين إليها بل شدد في ذلك مؤكدا على حقوق جميع الجيران دون استثناء أيا كان منزلة هذا الجار ودينه وجنسه. قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:36]، كذلك السنة التي حفظت لنا وصايا ودعوة للغحسان إلى الجار، كما جاء في قصة أبي سفيان مع هرقل أن هرقل قال لأبي سفيان بما يأمركم، فقال أبو سفيان: (ويأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء)، وفي الحديث(ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه)، وقوله عليه الصلاة والسلام :من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليقل خيراً أو ليسكت.

ويوضح أنه لقد بلغ من الدعوة للإحسان إلى الجار أن قال صلى الله عليه وسلم: (خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره) رواه الترمذي، وحينما جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال له: اذهب فاصبر -وفي هذا حثٌ على الصبر على أذى الجار- فأتاه مرةً أخرى فقال: اذهب واصبر. حتى جاءه في الثالثة يشتكي أذى جاره، فقال صلى الله عليه وسلم: اذهب فاطرح متاعك في الطريق -القِ متاعك في قارعة الطريق- ففعل، فجعل الناس يمرون ويسألونه: ما بالك؟ ما الذي أصابك؟ لم تجعل متاعك في قارعة الطريق؟ فيخبرهم خبر جاره يقول: إن جاري يؤذيني، فجعل الناس يلعنونه، وبعضهم يدعو عليه، فجاء جاره إليه، فقال: ارجع متاعك إلى بيتك، فإنك لن ترى شيئاً تكرهه مني أبداً).

كما أن نيل النزلة عند الله تعالى يوم القيامة لا تكون بالصلاة والصيام فقط لكنها بإكرام الجيران وعدم إيذائهم، فقد جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! فلانةٌ تصوم النهار وتقوم الليل، وتتصدق بالأتوار من الأقط، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال صلى الله عليه وسلم: هي في النار.

ومن حقوق الجار في الإسلام خاصة عند النوازل ما يلي:

•       النصيحة له: (حق المسلم على المسلم ست: إذا استنصحك فانصحه).

•       عيادته عند مرضه والاطمئنان على صحته.

•       درء المفاسد عن الجار.

•       الصبر على أذى الجار.

•       جلب المصالح للجار والحفاظ على نفسيته.

•       تحْتَمِل الأذى منه. احْتِمال الأذى المناصرة بالحق.

•       تَهْنِئَة الجار.

•       تَعْزِيَة الجار.

•       مشاركة الجار في المسرات والأفراح، مُواساتهُ في المصائب والأحزان.