يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » (الأنفال: 72)، فهل انتهت الهجرة، ولم يعد بالإمكان أن ينضم أحد آخر إلى المهاجرين؟
الهجرة باقية إلى قيام الساعة، ويستطيع كل مسلم منا أن ينضم إلى هذه الطائفة، فقط يقرأ الآية الكريمة السابقة جيدًا ويطبق ما جاء بها، قال تعالى: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » (التوبة: 100)، فقط عليك اتباع ما كان عليه المهاجرين الأوائل تكن منهم.
طريق المهاجرين
أوتدري عزيزي المسلم، أنه على كل مسلم منا أن يعرف كيف كان يحيا ويعيش المهاجرين الأوائل، ليسير على خطاهم، نعم لابد لك أن تعي جيدًا، كيف تحملوا كل المشقة والتعب، والاعتداء والإيذاء، حتى يصل لنا هذا الدين وكأنه على طبق من ذهب.. ومع ذلك ننسى ذلك أو تنناسى، فتمر بنا الأيام ونحن مهاجرون لكن ليس إلى الله عز وجل، وإنما من جلدنا ومبادئنا وثقافتنا وربما وليعاذ بالله من ديننا ذاته.
فالله عز وجل أكدها صراحة بأنه من يسير على خطى هؤلاء المهاجرين الأوائل كان من المؤمنين لاشك، قال تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (الأنفال: 74، 75).
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةالتوبة هنا
إذن لكي تكون واحدًا من المهاجرين عليك اتباع ما كانوا عليه، من صبر وحكمة وتعلم، وجلد للذات، فضلا عن إتيان العبادات في أوقاتها، فجميعهم كان مقيمًا لليل، وجميعهم كان من أهل الصدقة، ولم يؤذ أحد منهم جاره، ولم يتعد أحد منهم قط على حقوق الآخرين، فإن التزمت بالتوبة إلى الله وبطريق هؤلاء المهاجرين فربما يحسبك الله منهم، ولم لا وهو الذي قال: «لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ » (التوبة: 117).