من أين يأتي حب الأولاد لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، إذا كان الكلام عنه من النشء قليل؟.. فكيف نكون ممن أخبر عنهم النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، بأنهم أشد حبًا له، ونحن بالأساس لا نذكره في أحاديثنا داخل المنازل إلا قليلا، ففي صحيح مسلم عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أشد أمتي لي حبًا، ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني، بأهله وماله».. فلو كنت تتمنى أن تكون واحدًا من هؤلاء فابدأ من بيتك، علم أولادك كيف هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف السبيل إلى حبه ومعرفته حق المعرفة.
سيرة الحب
لاشك أنه من عرف سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أحبه، فكيف لا نحب من أحبه كل الناس، حتى أعدائه كانوا يكنون له كل التقدير، وكيف لا نحب من كان رحيمًا بكل الناس الصغير والكبير؟، بل كيف لا نحب من تحمل كل الأذى لأجلنا نحن؟.. وكيف لا نحب من ادخر دعائه لنا، حيث يتقدم كل الأنبياء يوم القيامة، ويسأل الله لنا الشفاعة، فيمنحه الله عز وجل ذلك.. كيف لا نحبه وهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وهو الذي يقول يوم القيامة وهو ساجد أمام عرش الرحمن: يارب أمتي أمتي.. يقدمنا على نفسه وأهله.. فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فيقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله.. هذا ليس فقط نحبه، وإنما نفديه بأرواحنا لقاء نظرة واحدة له.
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبينالحب الحقيقي
كيف لنا نتعرف على صفة واحدة من صفات هذا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ولا نحبه.. وهي صفة الرحمة، فقد كان رحيمًا بالناس لدرجة لا يمكن وصفها، فإذا ما أوصلنا هذه المعاني إلى أبناءنا، بالتأكيد ستفتح قلوبهم إلى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم دون شك، ففي سيرته كل معاني الحب الحقيقي، غير أن هذا الحب الشريف للنبي صلى الله عليه وسلم لا يبقى على درجة واحدة، فهو يزيد وينقص، ويضعف ويقوى، وأهل الإسلام في ذلك ليسوا سواء، وهو ما يحتم بذل الأسباب التي تزيد من محبته صلى الله عليه وسلم حتى تبلغ المكانة التي تليق بحقه العظيم.
إذن الحديث عن أنه الرحيم بنا، الذي يحبنا دون مقابل، مؤكد هي أبواب حب أبناءنا له صلى الله عليه وسلم، ولما لا وهو الذي لن يدخر جهدًا في أن ينجينا من عذاب الله يوم القيامة، وهذه وحدها تكفي لأن نحبه بكل جوارحنا، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، تلا قول الله عز وجل، في نبي الله إبراهيم عليه السلام : « رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » ( إبراهيم الآية : 36 )، وقال عيسى عليه السلام: « إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم » ( المائدة الآية : 118 )، ثم رفع يديه وقال اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله عز وجل : يا جبريل.. اذهب إلى محمد، وربك أعلم ، فسَله ما يبكيكَ؟، فأتاه جبريل عليهِ الصلاة والسلام فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما قال، وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل.. اذهب إلى محمد فقل : إنا سنرضيكَ في أمتك ولا نسوءك».