معنى أن الله يمهل عباده إن هم أخطأوا ولا يعجلهم بالعقوبة.. ما معنى أنه تعالى يتوب عليهم إن تابوا وندموا وعزموا على عدم العود إن من يفعل هذا لطيف حليم تواب وهذه من صفات الله عز وجل.
لو كان تعالى يعجل علينا بالعقوبة لأفنانا بذنوبنا لكنه ما خلقنا ليعذبنا فنحن خلقه وهو يريد لنا السعادة لذا شرع لنا باب التوبة وجعله مفتوحا يدخل من العباد المذنبون يعترفون بذنوبهم له سبحانه وتعالى وحدهم نادمين فيقبل توبتهم ويعفو عنهم وفوق هذا وذاك يبدل الله سيئاتهم حسنات.
وقفة مع اسم الله التواب:
من يتأمل في اسم الله التواب يجده اباب للأمل ومحطة واسعة توسع على المخطئين ولا تجعلهم في حرج فإن لم تشرع التوبة فإن الذنوب لا تزال تطارد فاعليها في منامهم ويقظتهم حتى تيأسهم في الحيا فتجعلهم يتمنون الموت بكل وسيلة خوفا من حياة مزعجة وتنتظرهم عاقبة أليمة لكن الله تعالى شرع التوبة وحبب فيها ورغب وحطم على عتبتها كل ما يزعج المسلم ففتح له باب الأمل ووعده إن أخلص بمحو سجل سيئاته ليفرح ويقبل على الله بقلبه من جديد.
فها هو سبحانه وتعالى يتوب على عباده، ويوفقهم إلى التوبة، وييسرها لهم، ثم يقبلها منهم. فهو (التواب) الذي ييسر أسباب التوبة لعباده مرة بعد مرة بما يُظهِر لهم من آياته، ويسوق إليهم من تخويفاته للعاصين وبشرياته للتائبين، حتى ينتهوا عن المعاصي ويرجعوا إليه تائبين، فيتوب عليهم ويغفر لهم. فهو سبحانه التائب على التائبين أولاً بتوفيقهم للتوبة، وهو التائب عليهم بعد توبتهم، قبولاً لها، وعفواً عن خطاياهم. قال الله تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}(التوبة:118). قال الطبري: "{ِإِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} يقول: إن الله هو الوهّاب لعباده الإنابة إلى طاعته، الموفقُ من أحبَّ توفيقه منهم لما يرضيه عنه. {الرَّحِيمُ}، بهم، أن يعاقبهم بعد التوبة، أو يخذل من أراد منهم التوبةَ والإنابةَ ولا يتوب عليه".
آثار اسم الله التواب:
ومن يتأمل اسماء الله تعالى وصفاته في الكون يجد ما يسره فكلها داعية إليه ومن الآثار الإيمانية لا سم الله التواب أنه أنْ يُصْبِح الإنسان ويُمْسِي معترفاً بذنبه ومشفقاً منه، خائفاً من ربه عز وجل، راجياً رحمته وعفوه، تائباً إليه، سائلا ربه قبوله لتوبته، مؤمناً وموقنا أن ربه سبحانه هو "التواب" وأن تكون محبة الله عز وجل والأنس به، لأنه سبحانه "التواب الرحيم" بعباده، ومن رحمته بهم ولطفه بهم أنه يوفق مَنْ شاء منهم إلى التوبة والرجوع إليه، وييسر لهم أسبابها، ثم يقبِلها منهم، بل إنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إليه أشد ما يكون من الفرح كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، ومن الآثار الإيمانية للتواب أيضا الحياء من الله تعالى، الذي يوفق عبده للتوبة، ويقبلها منه، ويغفر له ذنوبه كلها، وهذا الحياء إذا تمكن من القلب أثمر تعظيمًا لله عز وجل، وحياءً منه سبحانه، ومسارعة إلى طاعته، واجتناباً لمعصيته، ومبادرة إلى التوبة النصوح عند الوقوع في المعصية مهما كان عِظَمُها، وعدم اليأس من رحمة الله تعالى، لأنه سبحانه "التواب الرحيم، الغفور الودود"، الذي يوفق عبده للتوبة ويقبلها منه، ويغفر الذنوب جميعا.. قال الله تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}(غافر:3:2). قال ابن كثير: "أي: يغفر ما سلف من الذنب، ويقبل التوبة في المُسْتَقبَل لِمَنْ تاب إليه".
توبة باب للأمل:
يقول ابن القيم رض الله تعالى عنه: "إن توبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبةٍ مِنَ الله عليه قبْلها وتوبة منه بعدها، فتوبته بين توبتين مِنَ الله: سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولا إذناً وتوفيقاً وإلهاما، فتاب العبد فتاب الله عليه ثانياً قبولاً وإثابة.. فالعبد تواب والله تواب، فتوبة العبد رجوعه إلى سيده بعد الإباق (الخطأ والمعصية)، وتوبة الله نوعان: إذن وتوفيق، وقبول وإمداد".. وبهذا يتجلى عظمة الاسم والمسمى فالله تواب يتوب على عباده ويعفو عنهم لكن يلزم على العباد حسن الود له والإقرار له بما فعلوا راجين عفوه طامعين في قبول توبتهم عازمين على الانصراف من المعصية إلى الطاعة ساعتها تفتح لهم الأبواب ويتوب الله على من اب.