أن نسلم أمرنا كله لله، ليس كما يشاع إنما هو (قلة اهتمام أو برود، أو تبلد أو عدم إحساس، أو قسوة، أو إحباط أو يأس ).. وإنما كل ما في الأمر أن حجم الدنيا الطبيعي، تمت رؤيته بشكل صحيح، وأيضًا حجم المشاكل تم تقديره بشكل صحيح،، كما أن حجم البشر الحقيقي تم التعرف عليه جيدًا .. ربما هو شعور جديد عليك أن تحسه بهذا العمق .. اسمه ( التسليم ) .. هذا التسليم يجعلك (لا تتخض) من أي شيء مهما كان، ولا تتفاجأ كما يحدث لغالبية الناس.. ولا تقلق بعيدًا عن الطبيعي،، هذا الشعور يجعلك تنجذب بشدة لأمر ما دون داعٍ.. لا تفرح بشكل مبالغ فيه، أو تحزن بشكل مبالغ فيه أيضًا.. ولا تحب بشكل مبالغ فيه، أو تكره بشكل مبالغ فيه أيضًا.. فأنت علمت الحقيقة، وأن كل شيء إنما يحدث في أرض الله بمقدور الله، فسلمت أمرك لقدر الله.
الهدوء المطلوب
للأسف يغيب عنا هذه الأيام، المعنى الحقيقي للتسليم، فكل شيء إنما تفعله بهدوء.. اللهفة بهدوء .. والانتظار بهدوء .. والتقبُل بهدوء .. والسعي بهدوء .. والقرب بهدوء، والبُعد بهدوء .. لن تضع نفسك في (مشكلة كبيرة) لأجل أمر ما مهما كان، لكن عليك أن تعي جيدًا أن هناك فرقًا كبيرًا بين أنك تصبح عديم الإحساس و بين أنك تعلمت (التسليم ) جيدًا..
فلو وصلت إلى هذه المرحلة .. إياك أن تنتظر أن يفهمك الناس ببساطة .. توقع أن توصف بالبرود .. بالجحود .. بالأنانية .. بالكِبر .. فلا تقلق.. أوتدري لماذا؟.. لأن التسليم سيجعلك لا تلجأ إلى التبرير أو لشرح ما تفعل، لأنك ستكون على يقين أنه لا أحد سيفهم ما تفعل، لكنك على يقين أيضًا بأن الله يفهم ويعي ذلك جيدًا ويراه، وهنا التسليم الحقيقي، أن يكون شغلك الشاغل، هو رضاء الله عز وجل وفقط.
اقرأ أيضا:
جبر الخواطر .. أعظم عبادة تقربك من الله .. فضائل لا تحصى لهذا الخلق تؤمن لك معية الرحمن في المخاطرالشعور بالاغتراب
التسليم لله عز وجل، قد يوصل لعلاقة مبتورة مع البشر، تعيش بينهم وتتقبل أحكامهم، برغم وجعك و شعورك بالاغتراب .. حتى تصل إلى مرحلة أن التسليم أصبح عادة تعيشها يومًا وفي كل لحظة، حينها ستجد نفسك إنسان آخر ، تشكلت من جديد .. ستجد نفسك أقوى كثيرًا .. أجرأ في الحق .. والخوف قل عندك جدًا .. لا تتعلق بأمر ما بشكل مَرَضي مهما كان.. ستتعلم معاني أخرى للصبر والرضا .. ستتعلم الحرية الحقيقية .. وستتعلم كيف تحب نفسك وتثق فيها .. وكلما وقعت ستقف مجددًا، لأنك فهمت الدنيا وطبيعتها وحجمها .. كل هذا من معاني آية واحدة هي قوله تعالى: «لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ ».