الصوت الحسن منحة من الله ، فقد قال بعض أهل التفسير في قوله تعالى: "يزيد في الخلق ما يشاء" هو : " الصوت الحسن".
حكايات وغرائب:
زعم أهل الطب أن الصوت الحسن يجري في الجسم مجرى الدم في العروق، فيصفو له الدم، وتنمو له النفس ويرتاح له القلب، وتهتز له الجوارح، وتخف له الحركات، ولهذا كرهوا للطفل أن ينام على أثر البكاء، حتى يرقّص ويطرب.
وزعمت الفلاسفة: أن النغم فصل بقي من النطق لم يقدر اللسان على استخراجه، فاستخرجته الطبيعة بالألحان على الترجيع لا على التقطيع.
فلما ظهر عشقته النفس وحنت إليه الروح.. ألا ترى إلى أهل الصناعات كلها إذا خافوا الملالة والفتور على أبدانهم ترنموا بالألحان، واستراحت إليها أنفسهم، وليس من أحد كائنا من كان إلا وهو يطرب من صوت نفسه ويعجبه طنين رأسه.
اقرأ أيضا:
تعرف على طقوس المغرب وليبيا والجزائر وتونس في استقبال شهر رمضانفوائد عن الصوت الحسن:
1-ليس في الأرض لذة تكتسب من مأكل ولا مشرب ولا ملبس ولا صيد إلا وفيها معاناة على البدن، وتعب على الجوارح ما خلا السماع.
2- يتوصل بالألحان الحسان إلى خيري الدنيا والآخرة فمن ذلك أنها تبعث على مكارم الأخلاق من اصطناع المعروف، وصلة الأرحام، والذب عن الأعراض والتجاوز عن الذنوب.
3- قد يبكي الرجل بها على خطيئته، ويتذكر نعيم الملكوت، ويمثله في ضميره، ولأهل الرهبانية نغمات، وألحان شجية يمجدون الله تعالى بها، ويبكون على خطاياهم، ويتذكرون نعيم الآخرة.
وكان أبو يوسف القاضي يحضر مجلس الرشيد، وفيه الغناء، فيجعل مكان السرور به بكاء، كأنه يتذكر نعيم الآخرة.
وقد تحن القلوب إلى حسن الصوت حتى الطير والبهائم، وقيل : إن النحل أطرب الحيوان كله على الغناء.
قصة الحُداء:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون متى كان الحداء؟ قالوا: لا بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله.
قال: إن أباكم مُضَر خرج في طلب مال له، فوجد غلاما قد تفرقت إبله، فضربه على يده بالعصا، فعدا الغلام في الوادي وهو يصيح: وايداه، فسمعت الإبل صوته، فعطفت عليه، فقال مضر: لو اشتق من الكلام مثل هذا لكان كلاما تجتمع عليه الإبل، فاشتق الحداء.
وقال سلام الحادي للمنصور، وكان يضرب المثل بحدائه: مُرْ يا أمير المؤمنين بأن يظمأوا إبلا ثم يورودها الماء فإني آخذ في الحداء فترفع رؤوسها، وتترك الشرب.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه لما أعجبه حسن صوته: لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود.
عجيبة عن مزمار داود:
قيل: إن داود عليه الصلاة والسلام كان يخرج إلى صحراء بيت المقدس يوما في الأسبوع، وتجتمع عليه الخلق، فيقرأ الزبور بتلك القراءة الرخيمة.
وكان له جاريتان موصوفتان بالقوة والشدة فكانتا تضبطان جسده ضبطا شديدا خيفة أن تنخلع أوصاله مما كان ينتحب، وكانت الوحوش والطير تجتمع لاستماع قراءته.
قال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: بلغنا أن الله تعالى يقيم داود عليه الصلاة والسلام يوم القيامة عند ساق العرش، فيقول: يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم.