بالرغم من أن البكتيريا متهمة بشكل أساسي في زيادة الإصابة بأمراض السرطان. لكن أبحاثا جديدة تسعى إلى تحويلها من داء إلى دواء، ما يبشر بنقلة نوعية أو حتى ثورة حقيقية في علاج هذا المرض الفتّاك.
يأتي هذا ضمن أبحاث جارية في سويسرا في مجال مكافحة وعلاج أمراض السرطان، مستخدمة البكتيريا كوسيلة للقضاء على الأورام السرطانية في جسم الإنسان. ومعروف أن البكتيريا تصنّف على أنها من العوامل المسببة للمرض الفتّاك، وذلك إلى جانب عوامل أخرى كتلف في الحمض النووي أو عدم الاستقرار الجينومي وما إلى غير ذلك.
وتقف شركة سويسرية ناشئة تحمل اسم (T3 Pharma) وراء هذا الرهان الجديد، الذي لا ينطلق من قناعة "داويها بالتي كانت هي الداء" فحسب، وإنما ترفع التحدي إلى سقف تحويل البكتيريا إلى علاج يعوّض العلاجات التقليدية المستخدمة والمتمثلة في الجلسات الكيمياوية والإشعاعية المسؤولة عن أضرار جانبية خطيرة ليس أمام المريض أيَّ خيار سوى تحملها.
الاختبارات التي أجريت إلى غاية اللحظة تمّ فيها الاعتماد على بكتيريا تدعى "يرسينيا القولون". وهي بكتيريا عصوية سالبة لصبغة غرام، وتتسبب في العديد من الأمراض متفاوتة الخطورة، بين تلك التي لا تظهر أي أعراض وأخرى قد تتسبب في الوفاة خاصة لدى الأطفال الصغار. وفي ألمانيا على سبيل المثال، أدرجت بكتيريا "يرسينيا القولون" في الدرجة الثالثة على قائمة البكتيريا الخطرة والمسببة لأمراض الجهاز الهضمي وفق تصنيف المكتب الصحي لولاية بافاريا.
الشركة المعنية ستبدأ مطلع العام القادم تجاربها السريرية بعدما حصلت على تمويل مالي بلغ نحو 23 مليون يورو من عدد من المستثمرين، في ظل تزايد القلق على مصير مرضى السرطان، كشريحة ضمن الأكثر تضررا من انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، وذلك بحسب موقع "بادربونر بلات".
في التجارب السريرية المنتظرة سيتم حقن مرضى السرطان ببكتيريا حيّة توكل إليها مهمة نقل البروتين إلى الخلايا السرطانية قصد تدميرها وإعادة بناء النسيج السليم بداخلها، وذلك في إطار عملية تعرف لدى الخبراء بـ"النوع الثالث من أنظمة الإفراز في الخلايا البكتيرية".
عبر هذه الطريقة سوف تقوم البكتيريا المعدلة بعملها التقليدي لكن في الاتجاه المعاكس: كناقل حسي يبحث عن وجود كائنات حقيقية النوى عادة، ستبحث البكتيريا المعدلة عن تلك المسرطنَة فتفرز البروتينات بداخلها، لتنتج عدداً من التأثيرات التي تساعد على تدمير مسبب المرض والوقوع في قبضة الاستجابة المناعية.
هذه الطريقة من شأنها أن تكون أكثر فعالية مقارنة بجميع طرق العلاج المعتمدة إلى الآن، لكونها تضر الخلايا السرطانية من الداخل وتعتمد بالأساس على الجهاز المناعي للجسم، وتوضح الشركة السويسرية أن الهدف يكمن في "تفعيل الجهاز المناعي" ليتولى هو مهمة القضاء على السرطان.
اقرأ أيضا:
المدة التي يستغرقها المدخن لتجنب الأمراض الخطيرةاقرأ أيضا:
اختبار بسيط يتنبأ بمخاطر الوفاة.. تعرف على التفاصيل