رحمة الله بعبادة والتجاوز عن المعاصي والآثام من أهم النعم التي يهبها الله لعباده بل أنها تعد من مظاهر عفو الله عنهم والتجاوز عن ذنوبهم بالطبع مادام الأمر لم يصل إلي مرحلة الشرك بالله مصداقا لقوله تعالي :" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " "النساء: 116" بل أن الله ومن لطفه بعبده يضع لهم طرق التكفير عن ذوبهم وبل ومضاعفة الحسنات للتائبين وتبديل سيئاتهم حسنات
لعل أولي وسائل تكفير الذنوب تتمثل في التوبة فهي تطهر الإنسان من الآثام مصداقا لقوله تعالي : "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " (الزمر: 53-54)
أما السبيل الثاني لتكفير الذنوب فيتمثل في الاستغفار كما ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال : لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر الله لهم..
الأعمال الصالحة والحسنات الماحية تبدو حاضرة بقوة في سياق تكفير الذنوب كما قال تعالى : " إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ "هود: 114" وقال صلى الله عليه وسلم : "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".
السبب الرابع الدعاء الي الله والتضرع إليه لتكفير الذنوب باعتباره دافعا ا لعقاب الله : وكما ذكر في الأثر فدعاء المؤمنين للمؤمن مثل صلاتهم على جنازته فعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شفعوا فيه ..
خامس السبل لتكفير ذنوب العبد المسلم يسير في إطار ما يقوم به المسلم للميت من أعمال البر كالصدقة ونحوها، فإن هذا ينتفع به بنصوص الكتاب والسنة الصحيحة واتفاق الأئمة وكذلك العتق والحج بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه . وثبت مثل ذلك في الصحيح من صوم النذر من وجوه متعددة
ولا يغيب عنا في هذا المقام شفاعة النبي صلي الله عليه وسلم فهذه الشفاعة الشريفة محورية في غفران الذنوب يوم القيامة، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة ..
المصائب والمحن والاختبارات الصعبة التي يتعرض لها العبد المسلم تعد أيضا من مكفرات الذنوب وهي كل ما يؤلم من هم أوحزن أو أذى في مال أو عرض أو جسد أو غير ذلك لكن ليس هذا من فعل العبد وهذه المصائب يكفر الله بها في الدنيا
وورد في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ولما نزل قوله تعالى : " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ""النساء: 123"
سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا رسول الله: قد جاءت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا ؟! ألست تحزن ؟ ألست تصيبك اللأوى ؟ فذلك ما تجزون به. فقال صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر: ألست تنصب ؟
ثامن مكفرات الذنوب كما ورد في الأثر ما يعاني من المسلم في القبر من الفتنة والضغطة والروعة، فإن هذا مما تكفر به الخطايا ..ناهيك عن أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها فهذه أيضا تخفف عن المؤمن تبعات ذنوبه وبل هي من مكفرات هذه الذنوب وتبديها حسنات
من البديهي التأكيد وكما ورد في معرفة الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة" للإمام الحافظ ابن حجر. : رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد احدي وسائل تكفير الذنوب ، فالله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء سبحانه.
ومن ثم فعلي المسلم ان يتلمس عفو الله وغفرانه ولا ييأس من عفو الله أبدا وأن يكثر من التقرب الي الله بمكفرات الذنوب وان يحرص علي الوفاء بها حتي يضمن الحصول علي مغفرة الله ورضوانه ويصل في النهاية للجائزة الكبري المتمثلة في جنته سبحانة وتعالي