عزيزي المسلم، مسألة أن يكون هناك أحدهم قد أذاك، ثم تتعامل معه بشكل جيد.. بالتأكيد أمر صعب جدًا.. هنا كيف تتحول من شخص بالغريزة يريد أن يأخذ حقه وكاره جدًا لمن أذاه.. إلى شخص آخر يتعامل معه بالحسنى؟!
الأمر بالتأكيد ليس سهلاً.. والموضوع لا يتلخص في القدرات.. وصاحب هذا الفعل قدراته كبيرة في التسامح.. ليس الأمر هكذا، بمعنى أنك لو كنت إنسانًا هادئا ولا تأخذ الأمور على أعصابك حينها ستقدر أن تفعل ذلك، أما دون ذلك فالأمر صعب جدًا ولن تستطيع..
كل شخص يختلف عن الآخر في طريقة التأثير والتحول، وكيف يقبل بذلك، وهل يستطيع فعلاً أن يتحول من شخص يسعى للانتقام إلى شخص يتسامح إلى هذه الدرجة.. لكن في هذه الحياة الكثير والكثير من الأمور والمواقف التي تجبرنا على اتخاذ مواقف ربما نراها في أوقات أخرى أنها مستحيلة.
الدفع بالحسنى
الله سبحانه وتعالى، كونه هو الخالق، فبالتأكيد يعرف كل مشاعر الناس بكل تعقيداتها، لذلك سبحانه لم يفوت أبدًا ذكر هذا التصرف، وهو أن تحاول التحول من شخص يريد الانتقام لآخر يتسامح جدًا.. فوصف هذا الفعل في القرآن الكريم بلفظ ( ادفع ).
وقال سبحانه: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ».. إذن الأمر يحتاج لقوة دفع.. كأنك تدفع عربة ما أمامك.. وبالتالي ليس مطلوبًا منك أن تدفعها وأنت هادئا وفي أحسن حالاتك !
لكن ستدفع (بالتي هي أحسن) .. ولن تدفع ( بالحسنى ) يعني بأقل حسنى أفضل من الوضع الحالي .. ليس شرطًا أن يكون بمقاييسك المعتاد عليها للحسنى .. يعني أي شيء منك تقدمه يغير مسار العلاقة للأحسن ..
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىكيف تكون النتيجة ؟
النتيجة: (كأنه ) ولي حميم .. لم يقل أنه سيكون ولي حميم .. اي يكون صاحبك وحبيبك المقرب .. لكن كأنه .. تشبيه في منتهى الواقعية .. فهو ليس قريبًا منك وليس بصاحبك أو حبيبك ، لكنك ستسد عداوته .. وتتقي غله وكرهه وحقده..
أنت هنا بكل تأكيد إن قررت أن تفعل ذلك .. فبالتأكيد القرار معناه أنك تبعده عن خانة العداوة والغل أو أن تضيع طاقتك و وقتك على غِل متبادل وعداوة تفقدك كثيرًا من سلامك وراحة بالك.
من الطبيعي أن يكون في حياتك عداوات.. وليس من المنطقي أن تعتقد أنك ستعيش بسلام مع كل الناس وترضيهم جميعهم، ويرضونك هم أيضًا.. الفكرة أنه حينما تصل العلاقات لهذه المرحلة، كيف تتصرف ؟!.. عليك بقوله تعالى: « ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ »..
وثق أنك إن استطعت أن تفعل ذلك في مثل هذه العلاقات.. فأنت تستطيع أن تجعلها مبادئك في شتى أمور حياتك، لأنها أصبحت صفة بداخلك، وقوة من نوع خاص منحها لك الله عز وجل.. قوة ممزوجة بالحكمة .. لكن حتى تكون واقعيًا ليس مطلوبًا منك أن تتصرف هكذا وأنت في لحظة الصدمات ومواقف العداوة.. خذ وقتك .. لكن اجعل هذا التفكير وهذه الصفة في حساباتك دومًا.