عزيزي المسلم، ستفكر وتخطط وتظل تحسبها ثم تقرر وتسعى كثيرًا لتحقيق آمالك .. وتتفاجئ في النهاية أن النتيجة وارد جداً ليس لها أي علاقة بسعيك هذا !
هنا لابد أن تدرك أن الله عز وجل يريد منك مجرد صدق في السعي ويقين به وفقط .. لكن النتائج .. لابد أن تدرك أيضًا أنك أضعف وأهون وأجهل بكثير من أنك تعرف كيف تختار الخير وتدرك المعنى الحقيقي له مهما كان ظاهره مؤلم بالنسبة لك ومهما كانت في ظاهرها نتائج عكسية ..
وفي الأصل أنت أجهل بكثير من أنك تفهم نفسك أصلاً واحتياجاتها الحقيقية التي توصلها للطمأنينة .. وليس فقط لصور مزيفة للسعادة تجري ورائها طوال الوقت ..
أين الخير؟
لذا عزيزي المسلم، أنت لا تعلم أين الخير ، وكيف كتبه الله عز وجل لك؟.. يقول تعالى: «وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».. هناك لاشك ألغاز كثيرة في حياتك لا يمكن أن تحل سوى بالثقة والتسليم بالله عز وجل.
لو توقفنا أمام سورة الكهف قليلاً، سنجد أن الله عز وجل في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع سيدنا الخضر عليه السلام، كان الهدف منها، اليقين في أن هناك غيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومنها قصة قتل الغلام، لمجرد أن تسمع بالقتل تنتقد الأمر تمامًا لكن حينما تكمل الآيات تفهم حكمة الله عز وجل في ذلك، قال تعالى: «وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا» (الكهف:80-81).
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟أعظم الفتن
حتى في أعظم الفتن، ربما يكون في ظاهرها الشر كله، وفي باطنها الخير كله، وهذا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تلوك الألسنة خير النساء، زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فتخيل حينما يتنزل القرآن الكريم، يقول الله عز وجل كلمات فيها كل الطمأنينة، قال تعالى: «لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» (النور:11).
وهذا نبي الله يوسف عليه السلام يختار السجن على الوقوع في الخطيئة، فيكافئه الله عز وجل بأن يخرج وزيرًا على مصر، ومن المقربين للملك ذاته، ويعيد له أخوته وأباه.. إنها مشيئة الله تعالى فلا تتعجب ولا تتعجل.