من أشد الأمور التي من الممكن أن تكسر أي شخص هي الشعور بالخذلان .. بكل صِوَرُه.. والتي ملخصها أنك تتفاجأ برد فعل ونتائج غير التي توقعتها أو كنت تنتظرها.
هذا الشعور إياك أن تستهين به !، لأنه حسب درجة تأثرك بالخذلان هو مقياس لوحدانيتك لله عز وجل!
لكن ماذا يعني تأثرك؟ طبيعي أن تتأثر بالخذلان؟!.. التأثر يعني أن تحزن وتقلق وتتفاجأ.. كل هذا طبيعة كمشاعر إنسانية .. لكن الذي يحدث لنا ليس تأثر .. وإنما درجات أقرب للانهيار !
لماذا ننهار من الخذلان؟
تنهار من الخذلان، لأنك حولّت من حولك من مرتبة أنه إنسان مثله مثلك، مبني على نقص وضعف.. لإله منتظر منه يرزقك.. بالحب.. بالأموال.. بالشغل والعمل.. بالأمان.. بالمنصب.. بالزواج.. بالحقوق.. بأي نقص عندك تنتظر منه العوض .. وخاصة أنك تكون بذلت مجهودًا جبارًا حتى تنال رضاءهم!
لو لم يحدث كل ذلك، يأتي الخذلان الذي يدمرك .. وأنت لا تدري أن سبب هذا الدمار هو شركك مع الله !.. وربنا جل شأنه ذكره قانون في منتهى الوضوح، قال تعالى : «لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً».
بطبيعة الحال، أنت تتكر كل ذلك وتركز فقط في كيف ظلمك الناس.. وأنك لم تقدم لهم إلا كل خير، وأنك إنسان طيب لا تستحق كل هذه المعاناة.. وأنهم أشرار لاشك في ذلك.. ثم يكون كل تركيزك أن «تحسبن عليهم» وفقط .. وربما تفكر في كيفية استرجاع حقك.
اظهار أخبار متعلقة
دور الضحية
الأزمة أن تظل تعيش في دور الضحية، وتظل مغيبًا عن كوارث أخرى عديدة تقع في حق نفسك وأنها السبب الرئيسي لعذابك هذا.. وتظل تدور في حلقة مفرغة وعذاب مستمر لا ينتهي، وتنسى قوله تعالى: «فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ».
هنا حاول أن تعود إلى الوجهة الحقيقية، وهي طريق الله عز وجل، والإيمان والثقة التامة في وحدانيته سبحانه، إذ لابد أن تفرق بين ما الذي تريده من البشر، وما الذي تريده من الله عز وجل، فما عند الناس بالتأكيد عند الله ، لكن ما عند الله لا يمكن أن يمنحه لك أي بشر.
حول هذا المضمون.. إليك قصة عزل سيدنا خالد بن الوليد التي يجب أن نتأمل عظمتها:
سيدنا خالد وهو في أوجّ انتصاراته عزلُه سيدنا عمر وأرجعه جنديًا!
جاء إلى سيدنا عمر.. فقال له: يا أمير المؤمنين، لمَ عزلتني؟ قال: والله إني لأحبك، قال: لمَ عزلتني؟، قال: والله إني لأحبك، قال: لمَ عزلتني؟، فقال له سيدنا عمر: والله يا ابن الوليد ما عزلتك إلا مخافة أن يفتتن الناس بك لكثرة ما أبليت في سبيل الله.
فخاف سيدنا عمر أن يتوهم الناس أن الذي ينتصر هو خالد لكن الذي ينصر هو رب خالد .. فعزل خالد .. من أجل التوحيد !.. فكان رد خالد .. ردًا عظيمًا نموذجًا للتوحيد بالله : «الحمد لله الذي ولَّى عمر بن الخطاب، وقد كان أبو بكر أحب لديَّ من عمر بن الخطاب، فالحمد لله الذي ولَّى عمر، ثم ألزمني حبه».