الفراق .. أمر يوجع القلب جدًا سواء أكان فُرض علينا أم باختيارنا.. والفراق الذي باختيارنا له أنواع وأشكال.. هناك فراق تخرج منه مدمر نفسيًا.. ليس بسبب وجع الفراق.. وإنما بسبب «البهدلة» التي تعرضت لها نتيجة الظلم والوجع والأذى الذي يقع بعد الفراق أو قبله.
المولى عز وجل أنزل سورة الطلاق، صحيح أنها تتحدث عن
الطلاق، لكنها منهج متكامل لفن التعامل في كل أوجه الفراق.. حتى لو اثنين شركاء في شركة ما..
هناك نموذج لأكثر علاقة فيها قرب وحقوق وهي علاقة الزوجين، ولكن حينما يأتي القرار لإنهاء هذه العلاقة.. يكون لدى كل طرف منهما، طاقة نفور وغضب تجعله قادرًا على أن يحول الآخر لكائن سيء لم يخلق أسوأ منه!
قوانين الله
حينما يضع الله عز وجل، قوانين تُدار بها النفس في موقف مثل الزواج، يكون من باب أولى أن هذه النفس تدار وتروَّض في أي مستوى آخر أهون من هذا من مستويات الفراق .. أصحاب.. شغل .. شراكة .. جيران .. أقارب .. ناس لا يدرون كيف يتفقون فيما بينهم .. أي علاقة حلها الوحيد ( الفراق )
في خطوات ربنا سبحانه وتعالى أمرنا بها لو طبقناها ستكون هي هذه النتيجة : قوله تعالى: «وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا».. وهنا قوله: (يغنِ الله كلاً من سعته)، يعني أن الله عز وجل سيغني كل طرف بعد الفراق، وسيعينه على الفراق، وسيفتح له آفاق أخرى.
ماذا يعني غنى؟.. يعني كل معاني الغنى من سعة الله تعالى.. يعني كل نقص ووجع وخوف واحتياج ناتج عن هذا الفراق... سيعوضك الله عز وجل عنه من سعته هو وفضله وحكمته هو سبحانه.. حتى يكون الفراق في ظاهره نار لكن باطنه بردًا وسلامًا وغنى وعوض من الله!
العوض بالطمأنينة
هنا بعد أن يقع الفراق، عليك بالله، ستجد ما يسرك، ستجد عوض بالطمأنينة، والاستغناء بالله، لكن كل هذا لن يحدث غير بإتباع الخطوات التي ذكرها الله عز وجل وهي:
١- وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ :
التقوى يعني تقي نفسك وغيرك بقوانين الله وهي أساس كل الأوامر الأخرى، التي لن تستطيع تحقيقها سوى بالتقوى
٢-فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ :
المعروف هو الإحسان والتراضي بالشكل.. المعروف بين الناس حسب كل زمان ومكان طالما لا يخالف تشريع ..
٣-وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ:
تشهِّد أصحاب العدل الذين لن يتبعوا أهواءهم على أنه فراق فعلاً بالمعروف .. ( وفي الأساس هي شهادة على أنه تم الطلاق ) والكل يشهد الله بنية خالصة أساسها المعروف والإحسان.
٤-وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ:
تشاوروا واتفقوا بمعروف وحُسن الخلق
٥- وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ:
يعني ببساطة لا يضغط أحد على الآخر
٦- لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا:
ادفع الحقوق كاملة.. وإن لم تكن قادرًا، فحاول واسع لسداد الحقوق.