عزيزي المسلم، هل تريد أن تعرف رأس مالك الحقيقي، عليك أن تقرأ سورة العصر، قال تعالى: «وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ » (العصر: 1 - 3)، إذ يقول أحد السلف الصالح، إنه بعد أن ظل يقرأ سورة العصر لنحو عشرين عاما ولم يفهم معناها، ظل يفكر كيف يكون الأصل في الإنسان "الخسران".
والله يؤكده بكل المؤكدات الممكنة.. ثم يستثني الله الناجين من الخسران بصفات أربعة وهي : ( الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر؟)، إلى أن سمع يومًا بائعًا للثلج ينادي على بضاعته مستعطفا الناس فيقول: "ارحموا من يذوبُ رأسُ ماله".. لأن الثلج ماء متجمد.. وقطرة الماء التي تسقط لن تعود مرة أخرى.. ويضيف: "هنا فهمت أن هذا هو معنى القسم في سورة العصر".
عد لحظاتك
إذن عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن رأس مالك في الدنيا هو عمرك.. وأن اللحظة التي تمر من عمرك لن تعود ثانية أبدًا.. فكل واحد منا قد يذوب رأس ماله وهو لا يدري.. فانتبهوا لرأس مالكم وهو الوقت الذي تحيا فيه.. قبل أن ينتهي الأجل.. فها أنت قد منّ الله عليك بأن تكون من الأحياء، ولا تدري هل سيمر عليك يوم آخر، وأنت من أهل الدنيا أم ستكون من أهل القبور؟.. فانتبه لمن يسرق منك رأس مالك.
فكل واحد منا يعلم جيدًا من الذي يسرق منه رأس ماله.. فإياك أن تضيع لحظة من رأس مالك.. وأنت لست في ذكر لله أو طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وكما قال أحد الصالحين: «سلامًا على من مر صدفة فاستغفر فزادني حسنة وزادت حسناته وخفف ذنبي وخففت ذنبه»، فيلكن عمرك ووقتك كله لله عز وجل، قال تعالى مخاطبًا نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم: « قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ » (الأنعام: 162، 163).
اقرأ أيضا:
"لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون"؟.. لن تصدق ما فعله الصحابة عند سماع هذه الآية؟ (الشعراوي يجيب)ساعة الاحتضار
عزيزي المسلم، إياك أن يضيع عن بالك (ساعة الاحتضار)، تلك الساعة التي ستقف فيها بين يدي الله عز وجل، وتسأل عن عمرك فيما أفنيته وأبليته، حين يودع الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو مُنح مهلة من الزمن؛ ليُصلح ما أفسد، ويتدارك ما فات>
وفي هذا يقول الله تعالى: « وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » (المنافقون: 10، 11)>
فقد جاءت شعائر الإسلام لتؤكد قيمة الوقت، قبل أن يفوت العمر بلا هدف، ويصبح الإنسان في غياهب النسيان، قال الله تعالى: « وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ » (فاطر: 36، 37)، فأفق عزيزي المسلم قبل فوات الأوان، فالأمر جلل، والوقت يمر سريعًا وأنت لا تدري.