ضربت قصة زواج عثمان بن عفان في الزواج من ريحانتي النبي صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم، المثل في السبق بالفوز والحظ العظيم من شرف مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى سمي عثمان "ذو النورين"، فلم يجمع بين ابنتي نبي منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غيره، فاستحق أن ينال هذا الشرف الذي لم يسبقه أحد إليه.
حينما بلغ عثمان الرابعة والثلاثين من عمره، دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، ولم يعرف عنه تلكؤ أو تلعثم بل كان سباقًا أجاب على الفور دعوة الصديق، فكان بذلك من السابقين الأولين فرح المسلمون بإسلام عثمان فرحًا شديدًا، وتوثقت بينه وبينهم عرى المحبة وأخوة الإيمان.حينما بلغ عثمان الرابعة والثلاثين من عمره، دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، ولم يعرف عنه تلكؤ
زواج عثمان من رقية
في ذلك الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم قد زوج رقية ابنته من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ - مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ - سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ - وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ - فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} [المسد: 1 - 5]. قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب بن أمية {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} فارقا ابنتي محمد، ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من الله تعالى لهما، وهوانًا لابني أبي لهب.
ظنت أم جميل بنت حرب وزوجها أبو لهب أنهما بتسريح رقية وأم كلثوم -رضي الله عنهما- سيصيبان من البيت المحمدي مقتلا أو سيوهنانه، ولكن الله -عز وجل- اختار لرقية وأم كلثوم الخير، وباءت أم جميل وأبو لهب بغيظهما لم ينالا خيرًا, وكفى الله البيت النبوي شرهما، وكان أمر الله قدرًا مقدورًازوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية.
وفي هذه الأثناء سمع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بخبر طلاق رقية فاستطار فرحا، لأنه كان يجلها ويحبها كثيرا، وبادر فخطبها من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فزوجها الرسول الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه، وزفتها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقد كان عثمان من أبهى قريش طلعة، وكانت هي تضاهيه قسامة وصباحة، فكان يقال لها حين زفت إليه:
أحسن زوجين رآهما إنسان ... رقية وزوجها عثمان
ومن شدة حب عثمان ورقية، ورد عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل على ابنته وهي تغسل رأس عثمان، فقال: «يا بنية أحسني إلى أبي عبد الله، فإنه أشبه أصحابي بي خُلُقًا» .
قصة زواجه من أم كلثوم بنت رسول الله:
لما توفيت رقية ،وقف النبي عليه الصلاة والسلام عند باب المسجد فقال: «يَا عُثْمَانَ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا». ابن ماجة لما توفيت رقية ،وقف النبي عليه الصلاة والسلام عند باب المسجد فقال: «يَا عُثْمَانَ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ
وكان ذلك سنة ثلاث من الهجرة النبوية في ربيع الأول، وبنى بها في جمادى الآخرة.
ولما توفيت أم كلثوم -رضي الله عنها- في شعبان سنة تسع هجرية تأثر عثمان رضي الله عنه، وحزن حزنًا عظيمًا على فراقه لأم كلثوم، «ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وهو يسير منكسرًا، وفي وجهه حزن لما أصابه، فدنا منه وقال: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا يَا عُثْمَانُ».
الزعم أن عثمان أسلم رغبة في الزواج من رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم
اظهار أخبار متعلقة
مضمون الشبهة
يزعم بعض الطاعنين أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - دخل الإسلام؛ بسبب حبه لرقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ورغبته في الزواج منها، كما يزعمون أن عثمان لما بلغه خطبة رقية لغيره حزن وأخبر أبا بكر رضي الله عنه، فتصادف مرور النبي صلى الله عليه وسلم، فأسر أبو بكر - رضي الله عنه - بكلمات للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وتزوج عثمان - رضي الله عنه - برقية بعد أن أسلم.
رد الشبهة
ليس غريبا الطعن في عثمان رضي الله عنه، فقد درج المغالطون على الطعن في جميع الصحابة.
وثبت في كافة الروايات الإسلامية، أن قصة إسلام عثمان - رضي الله عنه - كما روتها كتب السير تناقض هذا الادعاء وتبطله؛ لأن إسلامه كان أثناء خطبة رقية لعتبة بن أبي لهب، بل أن موقف عمه الحكم بن أبي العاص من إسلامه وتعذيبه له لا يساوي رغبته في الزواج من رقية؛ بل يؤكد رغبته الدخول في الإسلام عن اقتناع وإيمان.
وروى ابن إسحاق وغيره من المؤرخين أن الصديق - رضي الله عنه - عرض عليه الإسلام فمال قلبه له، فأخذه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال له: يا عثمان أجب الله إلى جنته فإنى رسول الله إليك وإلى خلقه، قال عثمان رضي الله عنه: فوالله ما تمالكت حين سمعت قوله أن أسلمت وشهدت، وبإسلامه تحول من حياة الغنى والجاه والرفاهية إلى الشدة والجد، والتعب والتضحية، وهي قصة مثبتة تؤكد أنه أسلم بسبب الاقتناع بالإسلام.
أما عن زواجه - رضي الله عنه - من السيدة رقية - رضى الله عنها - ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا لا يدل لا من قريب ولا من بعيد على أن إسلامه كان رغبة في زواجه من رقية، فقد أسلم عثمان - رضي الله عنه - ورقية زوجة لعتبة بن أبي لهب، إذن تزوج عثمان من رقية بعد ما أسلم ووقر الإيمان في قلبه، وبعد ما طلقها عتبة بن أبى لهب، فهل اطلع عثمان على الغيب وعلم أن عتبة سوف يطلقها، أم أن الفرصة واتته بعدما أسلم ووقر الإيمان في قلبه؟!
صاحب العصمة والشهادة
عثمان بن عوف هو ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، يلقب بـ "ذى النورين" بعد أن تزوج باثنتين من بنات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - وهما رقية بنت الرسول رضى الله عنها وبعد وفاتها، تزوج من أختها أم كلثوم رضى الله عنها.
ولد في سنة 577 ميلادية قبل الهجرة بسبع وأربعين عامًا فى مكة المكرمة فى شبه الجزيرة العربية، وبايعه المسلمون فى السنة الثالثة والعشرين للهجرة بعد وفاة الخليفة عمر بن الخطاب.
ويعد مقتله هو من أشد الفتن التي ضربت وحدة المسلمين، ومن المواقف التي لا ينساها تاريخ المسلمين صورته وهو يحاور قتلته قبل أن يتمكنوا منه! قال لهم: " إن وجدتم فى كتاب الله أن تضعوا رجلى فى القيود فضعوهما"!.
ولما رأى إصرارهم على قتله قال: لِمَ يقتلوننى؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا فى إحدى ثلاث، رجل كفر بعد إيمانه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس، فوالله ما زنيت فى جاهلية ولا إسلام قط، ولا تمنيت أن لى بدينى بدلا مذ هدانى الله، ولا قتلت نفسا، ففيم يقتلوننى؟.
وجاء زيد بن ثابت إلى عثمان يقول له: هؤلاء الأنصار بالباب يقولون : إن شئت كنا أنصارا لله مرتين، فقال عثمان أما القتال فلا..!!، الأمر الذي دل على أن عثمان كان غريبا فى نبله وإيثاره السلام ورفضه المقاومة الدامية كما كان غريبا فى حياته وسخاوة نفسه ودماثة أخلاقه وحبه لربه!!.
ومع ذلك وثب الغوغاء على الرجل الذى تستحى منه الملائكة فقتلوه وهو يتلو القران الكريم ، وفي ذلك يقول محمد بن سيرين: لما أحاطوا بعثمان ، ودخلوا عليه ليقتلوه قالت امرأته: إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيى الليل بركعة يجمع فيها القرآن!.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حياته عثمانَ بن عفان أنه ستصيبه بلوى ، وأنه سيموت فيها شهيداً ، وعهد إليه بالصبر على تلك البلوى ، فأطاع عثمان رضي الله عنه نبيَّه ، ولم يخالف أمره ، ولم ينقض عهده .
فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ادْعُوا لِي بَعْضَ أَصْحَابِي ) ، قُلْتُ : أَبُو بَكْرٍ ؟ قَالَ : ( لَا ) ، قُلْتُ : عُمَرُ ؟ قَالَ : ( لَا ) ، قُلْتُ : ابْنُ عَمِّكَ عَلِيٌّ ؟ قَالَ : ( لَا ) ، قَالَتْ : قُلْتُ : عُثْمَانُ ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ) ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ : ( تَنَحَّيْ ) ؛ جَعَلَ يُسَارُّهُ وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ فِيهَا ، قُلْنَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا تُقَاتِلُ ؟ قَالَ : لَا ؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا ، وَإِنِّي صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ ".
وكان قتل عثمان – رضي الله عنه - في صبيحة يوم الجمعة ، الثاني عشر من شهر ذي الحجة ، من السنة الخامسة والثلاثين للهجرة ، وذلك بعد حصار داره لمدة أربعين يوماً ، وكان سِنُّه عند قتله اثنتين وثمانين سنة .
وأكد الكثير من العلماء أن الله تعالى نزه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون أحد منهم مشاركاً في قتل عثمان رضي الله عنه ، بل لم يكن أحدٌ من أبناء الصحابة مشاركاً ، ولا معيناً لأولئك الخوارج المعتدين ، وكل ما ورد في مشاركة أحد من الصحابة – كعبد الرحمن بن عديس ، وعمرو بن الحمِق - : فمما لم يصح إسناده .
أما محمد بن أبي بكر : فليس هو من الصحابة أصلاً ، ثم إنه لم يصح اشتراكه في قتل عثمان ، ولا في التحريض عليه ، وقد أثبت بعض العلماء روايات تبين تراجعه عن المشاركة في قتل عثمان .