مصادر تاريخية متطابقة أكدت أن أصل سيدنا يعقوب عليه السلام ، يعود في الأساس إلى شعب بني إسرائيل، واسمه كاملاً هو؛ إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام ، ووالدته هي السيدة رفقة بنت بتوئيل بنناحور ، وقيل إن بن ناحور هو سيّدنا إبراهيم عليه السلام .
وُلد سيدنا يعقوب بأرض فلسطين، إلا أنه كان قد قضى جزءًا كبيرًا من حياته في العراق، وخلال وجوده هناك تزوج مرتين من السيدة راحيل، وهي الزوجة الثانية له، وقيل إنها كانت سيدة جميلة الهيئة والأخلاق أيضًا وتتمتع بقدر وافر منهما، وهي ابنة خال سيدنا يعقوب، لابان الذي كان يقيم في منزله.
نبي الله يعقوب ورعاية اغنام خاله
نبي الله يعقوب كان قد أُعجب بابنة خاله الصغرى راحيل، وبالفعل طلبها سيدنا يعقوب من أبيها ، إلا أن خاله لابان ، قد اشترط عليه أمرًا من أجل أن يوافق على تلك الزيجة ، وهي أن يقدم سيدنا يعقوب أولاً على رعاية أغنام خاله لابان لمدة سبعة أعوام ، فوافق سيدنا يعقوب على طلب خاله .
السنوات السبع مرت، أوفى خلالها سيدنا يعقوب بما وعد ، هنا وقف خاله لابان ، على مرأى من الناس جميعًا، وقدم له ابنته الكبرى ليئه لكي يتزوجها ، وقد كانت ليئه هي الشقيقة الكبرى لراحيل، لم تكن تمتلك القدر نفسه من الجمال الذي منحه الله لشقيقتها الصغري راحيل .
اظهار أخبار متعلقة
الكريم ابن الكريم ابن الكريم حزن حزنًا شديدًا وسأل خاله لابان، عن سبب فعلته تلك، فأجابه خاله بأنه من عاداتهم ، ألا تتزوج الابنة الصغرى قبل الكبرى ، ثم طلب من يعقوب أن يرعى أغنامه ، لمدة سبعة أعوام أخرى ،
سيدنا يعقوب وافق مجددا حتى يتزوج من محبوبته ، وبالفعل بعد انقضاء المدة ، تزوج سيدنا يعقوب من حبيبته راحيل ، ولم يكن الجمع بين الأختين، قد تم تحريمه في هذا الوقت بعد ، فقد نزل التحريم في كل من التوراة والقرآن الكريم، بعد ذلك إلا أن سيدنا يعقوب تزوج ابنتي خاله بعدما تدينا بدين سيدنا إبراهيم عليه السلام
راحيل وإنجاب نبي الله يوسف
أنجب
سيدنا يعقوب من ليئة ، كل من شمعون ولاوى وايساخر ، ويهودا وزبلون وروبيل ، وكان إنجاب راحيل قد تأخر بعض الشيء ، في بداية زواجها من سيدنا يعقوب ، فدعت الله سبحانه أن يرزقها الذريةالصالحة ، فاستجاب الله لها ، ورزقها بابن جميل الطلعة ، يشبه السيدة سارة جدته ، زوجة سيدنا إبراهيم ، وأسمته يوسف وكان أحب الأبناء ، إلى قلب سيدنا يعقوب .
السيدة راحيل ظلت برفقة سيدنا يعقوب ، اثني عشر عامًا ،قضتهن على أرض العراق ، ولم تكن السيدة راحيل تعبد الأصنام ، مثلما كان يفعل من حولها، حيث كانت عبادة الأصنام تنتشر بشدة ، في ذلك الوقت .
اظهار أخبار متعلقة
عقب ذلك، أوحى الله إلى سيدنا يعقوب، بالرحيل والعودة إلى أرض المقدس ، فحمل عائلته ومتاعه ، وانطلق نحو قرية تدعى حيرون وهي تقع في مدينة الخليل ، حيث عاش ومكث سيدنا إبراهيم عليه السلام من قبل .
وفي هذا المكان، أنجبت السيدة راحيل طفلها الثاني ، وأطلقت عليه اسم بنيامين ، وكان مثله مثل شقيقه في الحب ، والقرب من قلب أبيهما سيدنا يعقوب عليه السلام ، هذا الحب الشديد من جانب سيدنا يعقوب لابنه يوسف ، أشعل الحقد والبغض في قلوب أبناء سيدنا يعقوب تجاه أخيهم الأصغرين.
سيدنا يعقوب وفي ظل هذا المناخ المضطرب شعر بكراهية أشقاءسيدنا يوسف له، مما جعله يخش عليه منهم، فنصحه بألا يقص رؤياه على أشقائه حيث رأى أحد عشر كوكبًا ، يسجدون له يجاورهم الشمس والقمر .
يعقوب ويوسف وأحد عشر كوكبًا
إخوة يوسف كادوا له ، وألقوه في غيابت الجب ، ليغيب عن أعين أبيه ، طيلة أربعين عامًا ، عانى خلالها من الهم والحزن ، حتى فقد سيدنا يعقوب بصره ، من شدة بكائه على ابنه الأحب والأقرب إلى قلبه .
السيدة راحيل لم تعمر طويلاً بعد ميلاد نجلها بنيامين أثر نفاس مميت ، قد توفيت عندما استبد بها ألم الولادة ، وهي تضع ابنها الثاني بنيامين ، لتُدفن في بيت لحم بفلسطين ، بينما توفى سيدنا يعقوب عن عمر ناهز 180 عامًا ليُدفن إلى جوار أبيه ، كما أوصى ابنه سيدنا يوسف قبل وفاته .
اقرأ أيضا:
حبيب النجار .. مؤمن آل ياسين .. وقرية عصت الله فأهلكها .. ولماذا أرسل الله إليها ثلاثة من الأنبياء؟ وهذا مكانها حالياأم يوسف وأسرار الغياب عن سورته
وعلى الرغم من كونها أم سيدنا يوسف إلا أنها غابت تماما عن قصة نبي الله في القرآن الكريم وسورته الطويلة المسماة باسمه إلا في قوله "رفع أبويه علي العرش "وسجودهما له في الرؤيا " إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر "
وفي غير هذين الموضعين لا نجد لها أي ذكر مع أن المفروض أن حزنها كان أضعاف حزن يعقوب الذي أبيضت عيناه وفقد بصره من الحزن الشديد الإجابة هنا ببساطة أن أم سيدنا يوسف ماتت وهي تلد أخوه الصغير بنيامين، وبالتالي الأم التي رأها يوسف في الرؤيا هي زوجة أبيه ليا بنت لابان "خالته " شقيقة أمه راحيل التي ربته وأم أخوته الذين تآمروا عليه
وبسبب موت راحيل بنت لابان أم سيدنا يوسف كان التركيز منصبا علي أبيه يعقوب لأن مهما كانت زوجة الأب متعاطفة مع يوسف لكن قلبها يحنو أيضاً على أبناءها ولن يقارن حزنها بحزن يعقوب
وفي هذا السياق تظهر روعة وبلاغة القرآن الكريم في قوله : "ورفع أبويه على العرش ولم يقل : "ورفع والديه على العرش"....لأن كلمة والديه ستعني أمه المباشرة من النسب أما أبويه فتعني الأب والأم و لكن أمه التي ربته أو زوجة أبيه وليست بالضرورة أمه المباشرة كما أن استخدام كلمة الأبوين تشير إلى الأب والأم مع تغليب جانب الأب
وبحسب علماء اللغة فإن كلمة الوالدين فتشير إلى الأب والأم أيضاً لكن مع تغليب جانب الأم لأن الولادة صفة الأنثى ومن هنا نفهم لماذا قال تعالى: "وبالوالدين إحسانا " ولم يقل
وبالأبوين إحسان التزكية الأم على الأب في الرعاية والإحسان والبر في تأكيد لا يقبل الشك علي علو مقام القرآن الكريم أنه يعلو ولا يعلي عليه في بلاغته وبيانه وروعته اللغوية .