ومن روائع البيان وبديع الآيات، عندما أمر الله سبحانه وتعالى بتوقيع حد الزنا علي من اقترف هذه الفاحشة والذي يتراوح بين الرجم والجلد للمحصن وغير المحصن، حيث بدأ الآية بالأنثى فقال تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مئة جلدة " "النور" الآية 2 .
ولكن الأمر تغير عندما تعلق بحد السرقة حيث بدأ سبحانه وتعالى بالذكر فقال تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله " "المائدة: 38".
حكمة إلهية:
لا شك أن وراء هذا الأمر حكمة إلهية فقد بدأ الله حد الزنا بالأنثى "المرأة"، باعتبارها من تعطي الضوء الأخضر للذكر "الرجل" لبدء هذه العلاقة وإن لم تفعل هذا لانتهت هذه العلاقة فورا.
فالمرأة لو امتنعت عن الرجل لما استمر في تحرشه بها حتى تقع في مصائده، فالمرأة هي التي تفتنه بملابسها غير الشرعية الفاضحة، ونظراتها غير السوية المغرضة، وحركاتها غير الأخلاقية المثيرة.
فالأنثى هي البادئة بالفتنة والإثارة، ولهذا حملها الله المسئولية الأولى عن واقعة الزنا ، ولكنه ساوى بينها وبين الذكر في العقوبة في ظل تورطهما المباشر في هذه الفاحشة أيا كانت هوية من تبني زمام المبادرة في إقامتها .
اقرأ أيضا:
حبيب النجار .. مؤمن آل ياسين .. وقرية عصت الله فأهلكها .. ولماذا أرسل الله إليها ثلاثة من الأنبياء؟ وهذا مكانها حالياروشتة ربانية:
أمر الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة بالعديد من أوامر سد الذرائع أو الأوامر الاحترازية الحامية لها من مثل هذا السلوك المشين والمهين.
1-هذه الأوامر تتضمن عددا من السلوكيات التي تحميها من هذا الزلل ومنها ألا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض فيها. قال تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" "الأحزاب: 32".
2- الله تعالي أمرهن الله سبحانه وتعالى بالتستر ولبس اللباس الساتر، والدال على حشمتهن وهويتهن وأنهن مؤمنات عفيفات لا يقبلن المخادعة والمصادقة للرجال، أو إثارة الفتنة فقال تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ""الأحزاب: 59" فاللباس الساتر يحميهن من مرضى القلوب والتهم الباطلة..
3- كذلك أمر الله المرأة المسلمة ألا تبدي صوت زينتها الخفية كالأساور والخلخال وغيرها تجنباً للعديد من المشكلات المترتبة على ذلك. فقال تعالى: " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن " "النور: 31".
4- الله سبحانه وتعالى أمر كذلك المرأة المسلمة بعدم إبداء زينتها للأجانب من الرجال فقال تعالى: " ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن " "الآية: 31" من النور.
5- غض النظر كان حاضرا بقوة ضمن منظومة ما أمر الله به المرأة المسلمة بها لحفظ الفرج. فقال تعالى: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن " "النور: 31" من ثم فإن الأسباب السابقة هي من دعت الله جلا شأنه للبدء بالمرأة وتحميلها المسئولية عن فاحشة الزنا.
علي نفس المنوال وفيما يتعلق بحد السرقة فـبدأ الله بالذكر في الحد مع مساواته لهم بالنساء في العقوبة باعتبار أن الرجل يكون دائما سابقا في ارتكاب هذه الجريمة وهو ما تؤكده الإحصائيات العالمية التي تشير لضلوع الرجال في جريمة.