حذرت دراسة حديثة من أن السماح للأطفال الصغار باستخدام الأجهزة اللوحية أو مشاهدة التلفزيون لأكثر من 14 ساعة في الأسبوع، يجعلهم أكثر عرضة "بشكل كبير" للإصابة بالتوحد.
وتوصلت الدراسة التي أجراها باحثون أستراليون إلى أن الأطفال في عمر العامين الذين يقضون فترات طويلة من الوقت في النظر إلى الشاشات هم أكثر عرضة لإظهار أعراض تشبه أعراض التوحد في سن الثانية عشرة.
ويحذر الخبراء منذ فترة طويلة من تأثير الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات على نموهم.
لكن الباحثين، الذين تابعوا أكثر من 5 آلاف طفل، اعترفوا بأن الدراسة كانت مجرد مراقبة ولا يمكنها إثبات العلاقة السببية.
وحث باحثون آخرون على عدم الذعر، وقالوا إن الدراسة تثبت "عدم وجود دليل فعلي" يربط وقت الشاشة بالتوحد.
مرض التوحد
ولم يعرف بعد على وجه التحديد ما الذي يسبب مرض التوحد، ولكن في بعض الأحيان ينتقل المرض إلى الأطفال من والديهم.
وتشير الدراسات إلى أنه أكثر شيوعًا بين أطفال الآباء الأكبر سنًا، وكذلك الأمهات اللاتي يعانين من زيادة الوزن أو مضاعفات الحمل.
ويعاني حوالي واحد من كل 50 شابًا من التوحد.
وقد يجد الأطفال المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في التواصل بالعين، أو فهم مشاعر الآخرين، أو الاهتمام الشديد بموضوعات معينة.
وقد يستغرق الأطفال المصابون بالتوحد وقتًا أطول لفهم المعلومات أو تكرار الأشياء.
مدة الوقت أمام الشاشة والإصابة بالتوحد
وقال فريق البحث، إن دراسات حديثة رصدت وجود صلة بين مدة الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشة والخصائص التوحدية لدى الصغار.
وفي الدراسة الجديدة، استجوب الباحثون آباء 5 آلاف و107 أطفال حول المدة التي يقضيها أطفالهم أمام الشاشة كل أسبوع.
وشاركوا في استبيان متابعة عندما كان طفلهم يبلغ من العمر 12 عامًا، وسئل الوالدان ما إذا كان قد تم تشخيص طفلهم بالتوحد. ووجدوا أن 145 طفلاً تلقوا تشخيصًا.
وقال الباحثون في مجلة "جاما بيدياتريكس"، إن خطر التوحد كان "أكبر بشكل ملحوظ لدى الأطفال الذين يقضون أكثر من 14 ساعة أسبوعيًا أمام الشاشة مقارنة بالأطفال الذين يقضون أقل من 14 ساعة أسبوعيًا أمام الشاشة بفارق عامين".
ونصحوا أيضًا الأطباء بالاستفسار عن وقت الشاشة أثناء مرحلة الطفولة المبكرة كجزء من تقييم أوسع لنمو الطفل.
وأضافوا: "يمكن أن يكون وقت الشاشة مؤشرًا مفيدًا لتحديد الأسر التي تحتاج إلى دعم إضافي"، بحسب صحيفة "ديلي ميل".
لكن الباحثين الذين لم يشاركوا في البحث شككوا في صحة النتائج.
وقال الدكتور جيمس فيندون، المحاضر الأول في علم النفس في كلية كينجز لندن : "بينما وجدت هذه الدراسة ارتباطًا بين وقت الشاشة قبل سن الثانية والتشخيص بالتوحد قبل سن 12 عامًا، إلا أنها لا تشير إلى وجود علاقة سببية".
وأضاف: "وهذا يتوافق مع فهمنا لتطور مرض التوحد والذي هو وراثي في المقام الأول. ما تظهره لنا النتائج هو أن الأطفال المصابين بالتوحد هم أكثر عرضة لقضاء وقت أطول أمام الشاشات مقارنة بأقرانهم من غير المصابين بالتوحد".
وتابع: "غالبًا ما يحظى وقت الشاشة بتغطية إعلامية سيئة، ولكن بالنسبة للعديد من الأطفال المصابين بالتوحد، يمكن أن يكون وقت الشاشة مفيدًا. قد يكون السبب في ذلك هو أن الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات يساعدهم على تنظيم مشاعرهم ويهدئهم خلال فترات التحميل الحسي الزائد".
فوائد قضاء الوقت أمام الشاشة
وقالت الدكتورة راشيل موزلي، الخبيرة في علم النفس بجامعة بورنموث: "لا يمكن لنتائج هذه الدراسة أن تخبرنا بأي شيء عن اتجاه العلاقة بين الإصابة بالتوحد والوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات".
وأضافت: "من المرجح أن الأطفال المصابين بالتوحد بالفعل ولكن لم يتم تشخيصهم بعد، وأولياء أمورهم، قد يجدون فوائد خاصة من قضاء الوقت أمام الشاشة".
وتابعت: 'لاحظ أن التوحد نادرًا ما يتم تشخيصه قبل عمر السنتين، ولكن الأطفال المصابين بالتوحد ما زالوا مصابين بالتوحد ويتطورون بشكل مختلف قبل تلك النقطة.'
وفي سبتمبر الماضي، نصحت هيئة الصحة العامة السويدية الآباء بعدم السماح للأطفال دون سن الثانية باستخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية أو مشاهدة التلفزيون.
وأضافت المنظمة في توصياتها، أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام ينبغي ألا يتجاوزوا أكثر من ساعة كحد أقصى أمام الشاشة يوميًا.
ويأتي ذلك في أعقاب خطوة مماثلة من جانب المسؤولين الدنماركيين الذين أصدروا قواعدهم الخاصة المتعلقة بالعمر في عام 2023 والتي تسمح فقط للأطفال دون سن الثانية في "حالات خاصة للغاية" مثل أولئك الذين يعانون من صعوبات التعلم، باستخدام هذه الأجهزة.
وارتفع وقت استخدام الأطفال للشاشات بشكل كبير خلال جائحة كوفيد، عندما أجبرتهم عمليات الإغلاق وإغلاق المدارس على البقاء في منازلهم.
وفي المملكة المتحدة، توصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية بعدم تجاوز الساعتين كحد أقصى لجميع الأطفال.
وينصح كبير المسؤولين الطبيين في المملكة المتحدة أيضًا بـ "نهج احترازي" لاستخدام أجهزة الشاشة.