على الرغم من الإيمان التام بأن الأعمار بيد الله وحده، إلا أن ذلك لايتنافى مع ضرورة الاعتناء بالصحة، والأخذ بالأسباب للوقاية من الأمراض، الأمر الذي قد ينعكس في العيش لعمر طويل وربما حتى مائة عام أو أكثر في صحة وعافية.

وسجلت إنجلترا وويلز، عددًا قياسيًا من المعمرين بحسب أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية هذا الأسبوع. وفي عام 2021، عاش ما يقرب من 14 ألف شخص حتى عمر 100 عام- بزيادة تزيد عن الربع خلال عقد واحد فقط.

وكشف الخبراء والمعمرون البريطانيون أسرار عيش حياة طويلة وصحية، لى النحو التالي:

الحركة والنشاط

لطالما سلط الخبراء الضوء على الحفاظ على اللياقة البدنية والنشاط كوسيلة للحفاظ على صحة العضلات والمفاصل والعقل، ولكنها قد تكون أيضًا وسيلة لزيادة متوسط العمر المتوقع.
وقالت كارولين أبراهامز، المديرة في "إيدج يو كيه" - مؤسسة خيرية دولية لرعاية المسنين - لصحيفة "ديلي ميل": " تشير الأدلة إلى أن النشاط البدني الأكثر يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب والخرف وأمراض القلب والسكتة الدماغية ومرض باركنسون وبعض أنواع السرطان".

لكن الأمر ليس كما تظن يتطلب أن تمارس رفع الأثقال أو تشارك في سباق الماراثون، فما عليك سوى التحرك أكثر، أو صعود السلم، أو حمل مستلزمات التسوق.

قالت أبراهامز: "الأمر يتعلق ببساطة بالتحرك أكثر كل يوم، بأي طريقة تعمل، في حدود قدراتنا الخاصة. يقال إن ممارسة الرياضة في الهواء الطلق لها فوائد أكثر، لذا يمكنك محاولة الانضمام إلى مجموعات المشي، أو المشي في الريف أو مجرد المشي إلى المتاجر بدلاً من القيادة، فإن أي نوع من النشاط أفضل من عدم القيام بأي نشاط على الإطلاق".

وتقول روث جوس، ممرضة القلب الأولى في مؤسسة القلب البريطانية (BHF): "لم يفت الأوان بعد لممارسة النشاط، لذا حاول تعزيز نشاطك البدني اليومي".

فهو لا يحسن ضغط الدم فحسب، بل يخفض أيضًا نسبة الكوليسترول، ويحافظ على الوزن تحت السيطرة ويمنح صحتك العقلية دفعة قوية، بكل الطرق لدرء الأمراض.

إذا وجدت نشاطًا تستمتع به، فمن المرجح أن تستمر فيه، كما تنصح جوس.

ويوصى بإكمال 150 دقيقة من النشاط المعتدل الشدة أسبوعيًا، مثل المشي السريع أو السباحة أو ركوب الدراجات. لكن القدرة على مواصلة هذا القدر من التمارين الرياضية يمكن أن تصبح أكثر صعوبة مع تقدمنا في العمر.

وتقول لوريتا بوسطن، من لندن ، التي احتفلت بعيد ميلادها المائة في أكتوبر 2022: "حيث أعيش، لدي الكثير من السلالم، لذا حتى لو لم أخرج، فأنا نشيطة".

وأضافت بوسطن، التي تحدثت لمكتب الإحصاءات الوطني عن حياتها وكونها معمرة: "هناك أشياء أجد صعوبة في القيام بها لأنني مثقلة بجسد لن يفعل ما أريده أن يفعله".

مع ذلك، لا زالت مدفوعة بالبقاء بصحة جيدة وتقوم بالتسوق والذهاب إلى المتاجر. قالت: "لدي عربة تسوق صغيرة يمكنني أخذها إلى المتاجر ومن الجيد أن أختار ما أريد وأذهب إلى الخزانة".

العيش بجانب البحر

تشير البيانات إلى أن الجميع يستمتعون بالشاطئ، لكن الانتقال إلى شاطئ البحر قد يؤهلك للعيش حتى مائة عام.

المناطق الساحلية لديها أعلى نسبة من المعمرين، وفقا لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، حيث تعيش نسبة عالية على الساحل الجنوبي في بريطانيا، لكن الخبراء ليسوا متأكدين تمامًا من السبب.

وقالت متحدثة باسم المركز الدولي لطول العمر، إن السبب في ذلك قد يكون بسبب أن الأشخاص الذين تجاوزوا المائة عام والذين يعيشون بالقرب من البحر هم "أشخاص أصحاء وأثرياء بالفعل" ويختارون التقاعد في المناطق الساحلية.

وأضافت أنه بمجرد وصول كبار السن إلى هذه المناطق، فإنهم "قادرون على التمتع بمستوى معيشي مرتفع نسبيًا، وتدفئة منازلهم، واتباع نظام غذائي جيد، وممارسة التمارين الرياضية، والحصول على الكثير من العائلة والأصدقاء".

ويقول الخبراء إن البيئات الساحلية ليست فقط أفضل لمساعدة الناس على الخروج وأن يكونوا أكثر نشاطًا، ولكنها تساعد أيضا في تقليل التوتر.

ويمكن أن يحسن قضاء الوقت في الخارج في الطبيعة، مزاجك ويقلل التوتر ويحسن الصحة البدنية ويحسن احترام الذات، وفقًا لمؤسسة مايند الخيرية للصحة العقلية.

الحصول على قسط كاف من النوم 

الحصول على قسط كافٍ من النوم كل ليلة يمكن أن يحسن مزاجك في اليوم التالي، كما أنه يمكن أن يضيف سنوات إلى حياتك.

إذ أن النوم ضروري لمساعدة الذاكرة ومعالجة المعلومات، وكذلك إزالة النفايات من خلايا الدماغ، وتنظيم عملية التمثيل الغذائي لديك والحفاظ على جهاز المناعة.

ويجب أن يحصل الأشخاص البالغون على ما بين ست إلى ثماني ساعات في الليلة، وفقًا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية ببريطانيا.

لكن مع تقدمنا في السن، قد يكون من الصعب الحصول على قسط كاف من النوم.

تقول أبراهامز: "إن أنماط النوم تتغير مع تقدمنا في السن ويمكن أن تؤثر قلة النوم بشكل مباشر على الطريقة التي نشعر بها".

وأضافت: إذا كنت تواجه صعوبة في النوم، فحاول تقليل القيلولة أثناء النهار وتقليل كمية الكافيين التي تشربها. حاول تخصيص وقت للاسترخاء والراحة كل مساء، ربما من خلال قراءة كتاب، أو الاستماع إلى الراديو، أو الاستحمام".

تعلم مهارة جديدة 

يعزز تعلم مهارة جديدة، مثل تعلم لغة جديدة قوة العقل في سن الشيخوخة، حيث يمكن أن يحفز تدريب العقل عملية التعلم بما يساعد في تحسين صحتك العامة.

فقد ثبت أن المعرفة تؤتي ثمارها في دراسة أجريت عام 2014، حيث وجدت أن تعلم لغتين أو أكثر في مرحلة البلوغ يمكن أن يبطئ التدهور المعرفي المرتبط بالعمر.

وتقول أبراهامز: "لقد ثبت أن التحلي بالإيجابية والانفتاح، والاستعداد لتجربة أشياء جديدة، والتفاعل مع ما يجري حولنا، أمر مهم في الحفاظ على رفاهيتنا مع تقدمنا في السن".

ورأت أن تعلم شيء جديد أو الانضمام إلى نادٍ جديد يمكن أن يساعد على "الحفاظ على الشعور بالهدف".

وقالت: "إن العمل التطوعي لمساعدة الآخرين، أو الانضمام إلى مجموعة محلية من نوع ما، أو تعلم مهارة جديدة مثل لغة أو آلة موسيقية، هي مجرد أمثلة قليلة لأشياء تستحق النظر فيها إذا كنت تبحث في كيفية الحفاظ على الشعور بالهدف والهدف. احصل على أقصى استفادة من الحياة".

التواصل الاجتماعي

ثبت أن كبار السن الذين يتواصلون اجتماعيًا يوميًا أو أسبوعيًا أو شهريًا لديهم فرصة أكبر بكثير لحياة أطول من أولئك الذين يتواصلون اجتماعيًا بشكل أقل أو لا يتواصلون على الإطلاق.

ونظرت الدراسة طويلة المدى التي أجراها باحثون من مستشفى غرب الصين بجامعة سيتشوان في بيانات 28563 شخصًا صينيًا سُئلوا عن عاداتهم الاجتماعية.

ويقول الخبراء، إن هذا قد يكون بسبب أن قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يخفف من التوتر والقلق. كما أنه يشجع الناس على الخروج وممارسة المزيد من النشاط البدني.

وأوضحت أبراهامز، أن "قضاء الوقت مع الآخرين يمكن أن يساعدك على الشعور بمزيد من الارتباط وشعور أقل بالقلق. قضاء الوقت مع العائلة أو الأصدقاء يمكن أن يذكرك بذكريات سعيدة، بينما التعرف على أشخاص جدد يمنحك الفرصة لمشاركة تجارب وأفكار وأفكار مختلفة".

وتشجع منظمة "إيج يو كى"، الأشخاص على الانضمام إلى الأندية أو التطوع في المجتمع أو حتى التواصل مع الآخرين بأمان عبر الإنترنت.

وتعزو بوسطن حياتها الطويلة إلى وجود الكثير من الأصدقاء والعائلة حولها. قالت: أعيش وحدي، لكني لا أشعر بالوحدة أبدًا. لا يبدو أن لدي الوقت الكافي أبدًا، لأن كل شيء يتطلب مجهودًا كبيرًا وأنا بطيئة جدًا. يستغرق مني وقتًا للقيام بكل شيء، لذلك تبدو الأيام قصيرة. لدي أيضًا موسيقاي وعائلتي وأصدقائي".

وأضافت: "أختي تبلغ من العمر 94 عامًا، ولدي أصدقاء عاشوا أيضًا لفترة طويلة. عاش اثنان منهم حتى عمر 90 عامًا وواحد حتى عمر 102 عامًا، لكن لسوء الحظ ماتوا. هذا ما يحدث".

وتابعت: "الأصدقاء الذين تعرفت عليهم مؤخرًا لا يعرفونني كما يعرفني الأصدقاء الذين عرفتهم عندما كنت صغيرة. يمكن أن يكونوا أصدقاء جيدين جدًا ولكن يمكنهم فقط رؤيتك كما أنت الآن".

الطعام الصحي وشرب الماء

يعد تناول نظام غذائي صحي ومتوازن من النصائح الشائعة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان وأمراض الدورة الدموية.

ويمكن تجنب أكثر من 6 ملايين حالة وفاة على مستوى العالم بمجرد تقليل تناول الأطعمة المصنعة والدهون المتحولة والمشبعة والملح والسكر المضافين، وفقًا للدكتور شينياو ليو، من جامعة سنترال ساوث.

وقال الدكتور ليو، مؤلف الدراسة المنشورة في مجلة القلب الأوروبية - جودة الرعاية والنتائج السريرية، لمرضى السكري في المملكة المتحدة، إن الوفيات الناجمة عن أمراض القلب يمكن أيضًا تقليلها إذا زاد الناس من تناولهم للأسماك والفواكه والخضروات والمكسرات والحبوب الكاملة.

كما تحث جوس من مؤسسة القلب البريطانية، على تناول هذه الأطعمة للمساعدة في حماية قلوبهم وتقليل خطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية.

وأضافت: "مرارًا وتكرارًا يأتي النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط في المقدمة، حيث تربطه الدراسات بمتوسط العمر المتوقع الأطول. وهذا يشمل الأسماك وكذلك الكثير من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور والفاصوليا والعدس مع الدهون من مصادر غير مشبعة".

ويقول الخبراء إن ما نأكله ونشربه يصبح أكثر أهمية مع تقدمنا في السن.

قالت أبراهامز: "من الجيد أن نتذكر أن الاحتياجات الغذائية لشخص ما يمكن أن تكون مختلفة تمامًا عن احتياجات شخص آخر. من المهم العثور على توازن ممتع ومتنوع وسهل الإدارة ومستدام بالنسبة لك".

وأضافت: "في بعض الأحيان قد نجد أننا نفقد شهيتنا مع تقدمنا في السن، وقد يكون فقدان الوزن غير المقصود ضارًا، لذا من المهم أن نستمر في تناول الطعام، فشيء أفضل من لا شيء".

وشددت على أنه "من المهم أن نشرب كمية كافية لتجنب الجفاف والتأكد من أن أجسامنا تعمل كما ينبغي. التوصيات الرسمية هي شرب 6-8 أكواب من السوائل يوميًا، أي حوالي 1.5 لتر أو 2.5 باينت. جميع المشروبات الساخنة والباردة تحتسب ضمن نسبة الترطيب".

فحوصات منتظمة 

يمكن أن تساعد متابعة اختبارات العين وفحوصات السمع ومواعيد طبيب الأسنان في اكتشاف الأمراض والالتهابات في وقت مبكر.

مع تقدمنا في العمر، تتأثر الرؤية والسمع لدينا مما قد يسبب فقدان التوازن ويؤثر على نوعية الحياة.

وقالت أبراهامز: "إن البصر يتغير مع تقدمنا في السن ويمكن أن يؤدي إلى رحلة أو فقدان التوازن. قم بفحص عينيك ونظاراتك بانتظام، على الأقل كل عامين لاكتشاف أي مشاكل في الرؤية مبكرًا".

يمكن أن تؤثر مشاكل الأذنين بشدة على توازنك، ويزداد خطر فقدان السمع مع تقدم العمر. تحدث مع الطبيب إذا لاحظت أن التغيرات في السمع تؤثر على حياتك اليومية أو حياتك الاجتماعية.

وهذه الفحوصات تشير أيضًا إلى العلامات المبكرة للسرطان، إذ تقول أبراهامز: "عند طبيب الأسنان، يمكنك أيضًا فحصك بحثًا عن علامات سرطان الفم والرقبة".

وتشدد أيضًا على أهمية متابعة ضغط الدم والكوليسترول، إذا كنت تريد أن تعيش لفترة طويلة.

وقالت: "إن إعطاء الأولوية لصحة القلب في كل عمر هو أحد أفضل الطرق لزيادة فرصك في العيش حياة طويلة وصحية".

ونصحت: "إذا كنت تدخن، فكر في الإقلاع عن التدخين لأن هذه واحدة من أفضل الخطوات التي يمكنك اتخاذها لصحتك العامة، وكلما قمت بالإقلاع مبكراً كلما كانت الفائدة أكبر.

وبينت أن "معرفة أرقام ضغط الدم والكوليسترول - يمكن أن تساعدك أيضًا على اكتشاف علامات الإنذار المبكر واتخاذ خطوات لدرء المشاكل المستقبلية بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية".