كانت دعوته صلى الله عليه وسلم على هداية الناس والحرص على انتشالهم من الظلمات إلى النور من ظلمات الجهل والكفر والشرك وظلمة المعاصي إلى نور العلم والإيمان.
ومع قرب حلول ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم نتذاكر سنته ونتعرض لبعض مواقفه وحرصه على دعوة الناس للخير.
ومن هذه المواقف ما جاء عن أنس رضي الله عنه قال: (كان غلام يهودي يخدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري.
الحرص على الدعوة:
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب (ميقات أهل نجد)، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، ولقد أرسل إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال وسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملَك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟ إن شئتَ أن أُطبق عليهم الأخشبين (الجبلين)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً) رواه البخاري.
رحمة النبي بالعصاة:
ومن المواقف الرائعة حرصه صلى الله عليه وسلم على الرحمة والشفقة بمن يدعوه وإن كافرًا أو عاصيًا، والحرص على هدايته وهداية ذريته، وقد ظهر هذا المعنى جليّاً حين قال الطفيل رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله، إن دوْسا (قبيلة الطفيل) قد عصت وأبت فادع الله عليهم)، فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهداية وقال: (اللهمَّ! اهدِ دَوْساً وائتِ بهم) رواه مسلم. قال القاري: "(اللهم اهد دوسا وائت بهم) أي: إلى المدينة مهاجرين، أو قرِّبْهم إلى طريق المسلمين، وأقبل بقلوبهم إلى قبول الدين". وهذا يدل على مدى رحمته وشفقته صلوات الله وسلامه عليه حتى مع الكافرين وحرصه على هدايتهم.