لم يخلق الله عباده ليعذبهم بل ليعبدوه فيكرمهم ويدخلهم جنته وإذا سقط العبد في معصية وتاب تاب الله عليه ورحمه وبدل سيئاته حسنات.
رحمة الله بعباده:
ذكر الله في كتابه الكريم ما يظهر حمته وأنه تعالى رحيم رحمان ومن هذا، قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:53].
وقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54].
إن الله يغفر الذنوب جميعًا:
الله تعالى يغفر الذنوب لعباده إن تابوا فعن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال: (أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم شيخ كبير هرم، سقط حاجباه على عينيه، وهو مدعم على عصا - أي: متكئًا على عصا - حتى قام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها، لم يترك داجة ولا حاجة إلا أتاها، لو قُسِّمَت خطيئته على أهل الأرض لأوبقَتْهم - لأهلكَتْهم - أَلَهُ من توبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل أسلمت؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك كلهن خيرات، قال: وغدراتي وفجراتي يا رسول الله؟ قال: نعم، وغدراتك وفجراتك، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثم ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار) رواه الطبراني.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (قدِمَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم سَبيٌ، فإذا امرأةٌ من السبيِ (ما يؤخذ من الكفار من ذراريهم ونسائهم في الحرب) قد تحلُبُ ثَديَها تَسقي، إذا وجدَتْ صبيًّا في السبيِ أخذَتْه، فألصقَتْه ببَطنِها وأرضعَتْه، فقال لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أترَون هذه طارحَةً ولدها في النار؟ قُلنا: لا، وهي تقدِرُ على أن لا تطرَحه، فقال صلى الله عليه وسلم: لَلّهُ أرحَمُ بعباده من هذه بولدها) رواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه قال: (مرَّ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم في نَفرٍ مِن أصحابه وصَبيٌّ في الطَّريق، فلمَّا رأت أُمُّهُ القوم خَشيَتْ على ولدها أن يُوطَأَ (خشيت أن يدوسه الناس بأقدامهم لصغره) فأقبلَت تسعَى وتقول: ابني ابني، وسَعَت فأخذَتْه، فقال القوم: يا رسول الله ما كانت هذه لتُلْقِي ابنها في النَّار، قال: فخَفَّضَهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (تلطف بهم) وقال: لا، واللهُ لا يُلْقِي حَبيبَه في النَّارِ) رواه أحمد.