مع اقتراب العشر الأواخر من رمضان يسن للمسلم أن يجتهد في العبادة فكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا دخلَ العَشرُ الأواخرُ شدَّ المئزرَ وأيقَظَ نساءَه قال ابنُ وكيعٍ : رفعَ المِئزرَ.
ومما يشرع في هذه العشر الاعتكاف.. فما الاعتكاف وما دليل مشروعيته وما وقته وفضله؟
ما هو الاعتكاف؟
الاعتكاف: هو لزوم المسجد بنية مخصوصة ، لطاعة الله تعالى : وهو مشروع مستحب باتفاق أهل العلم ، قال الإمام أحمد فيما رواه عنه أبو داود : ( لا أعلم عن أحد من العلماء إلا أنه مسنون ) وقال الزهري رحمه الله : ( عجباً للمسلمين ! تركوا الاعتكاف ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل ). فائدة الاعتكاف وثمرته: إن في العبادات من الأسرار والحكم الشيء الكثير ، ذلك أن المدار في الأعمال على القلب ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري .
مشروعية الاعتكاف؟
عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهُما، قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ يَعتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
وعنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عنْها، أَنَّ النَّبيَّ ﷺ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزواجُهُ مِنْ بعْدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْ أبي هُريرةَ، قالَ: كانَ النبيُّ ﷺ يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ عَشَرةَ أيَّامٍ، فَلَمًا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبًضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشرِينَ يَوْمًا. رواه البخاريُّ.
أما دخول المعتكف فذهب جمهور العلماء (منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) إلى أن من أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:
1- أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان . متفق عليه .
وهذا يدل على أنه كان يعتكف الليالي لا الأيام، لأن العشر تمييز لليالي، قال الله تعالى : (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) الفجر/2.
والعشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين .
فعلى هذا ، يدخل المسجد قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين .
2- وقالوا : إن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر ، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر ، فينبغي أن يكون معتكفا فيها . قاله السندي في حاشية النسائي .
لكن روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ.