لاشك أن أحوال الناس تختلف في التعامل مع الصعوبات فمنهم من يأخذ نفسه بالشدة والعنف محاولاً حل الأمر ومنهم من يدع لنفسه فرصة للتدبر والتفكر لاختيار أمر ميسور يكون فيه الحل..
التبسم مفتاح القلوب:
لكن الضابط الذي ربما لا يختلف عليه أحد حينما تتعقد الأمور ويصعب حلها هو أن اللين والبسمة مفتاح للقلوب المغلقة وأن طباع الناس تنفر من الشدة والقسوة وترغب في الوصال والتعاون مع صاحب الكلمة اللينة والوجه البشوش.
ولأن الدين الإسلامي دين بني على الأخلاق وغايته كرامة وصيانة الإنسان مما يضره والحفاظ عليه في الدنيا والآخرة نجد نصوصا كثيرة تؤكد على معاني اليسر واللين والتبسم والبشاشة فلقد حث الشرع على لقيا الناس بالبشر والتبسم قال تعالى لنبيه: "ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاروهم في الأمر..".
كما أن النبي وعد من يفعل ذلك بالثواب الجزيل ففي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة"، وقال أيضًا: "كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق...". الحديث ( رواه الترمذي وقال : حسن).
التبسم واللين منهج سلامي قويم:
ومعلوم أن مجرد لقيا الناس بالتبسم والبشر يحمل رسالة طمأنة وحب لمن يعاملهم بخلاف من يغلظ عليهم ويعبس في وجوههم، قال صلى الله عليه وسلم: "ولا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف". (رواه أبو داود ، وصححه الألباني)، يقول ابن بطَّال: (فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة).
التبسم دأب الصالحين:
ولهذا حرص الصالحين على الالتزام بالتبسم وسيلة رائعة لجذب القلوب واستمالتها لقبول الحق وح ما قد يطرأ من مشكلات، يقول ابن حبان: (البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي).
وجاء عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: (مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطًا، وكلمتك طيبة، تكن أحبَّ إلى النَّاس من الذي يعطيهم العطاء).
التبسم وسيلة لكسب القلوب:
محال ان تكون غليظ قاسي القلب عنيفا وتكون مبوبا ممن تعاملهم فالفظاظة تكرِّه الناس فيك وتبعدهم عنك بخلاف يبتسم ويلين معك ويحاول تفهمك ويسمع لك ويحاورك بحب ولين؛ فصاحب البشر والبشاشة قريب من القلوب حبيب إلى الناس، ينتشر بينهم الثناء عليه ومدحه، قال أبو جعفر المنصور: (إنْ أحببت أنْ يكثر الثَّناء الجميل عليك من النَّاس بغير نائل، فالْقَهُمْ ببِشْر حسن).
ويؤكد هذا المعنى ما جاء في الحديث: "كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق...". الحديث ( رواه الترمذي وقال: حسن)، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ولا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف". (رواه أبو داود ، وصححه الألباني).
التبسم لا يكلفك شيئًا:
بعض الناس يتخذ الإنفاق وسيلة لحب الناس له والثناء عليه وهذا وإن كان حقيقة فإنه لن يستطع ان يسع الناس بأمواله وهو غير مأمور بالأساس على الإنفاق على كل من يقابل لكن الأولى به أن يلين القول ويهش ويبش ويبتسم لا يعبس في وجه من يقابله ففي الحديث: "إنَّكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكنْ يَسَعُهم منكم بَسْطُ الوَجهِ وحُسنُ الخُلُقِ".
وتزداد الحاجة إلى البشاشة وطلاقة والوجه إذا كان للناس حاجة وطلبوا قضاءها، قال بعض الحكماء: (الْقَ صاحب الحاجة بالبِشْر، فإنْ عدمت شكره، لم تعدم عذره).