مرحبًا بك يا عزيزتي..
أقدر مشاعرك وأتفهم تمامًا موقفك.
ما تعانيين منه يسسمى "متلازمة العش الفارغ"، وأنت فيها لست وحدك، فهذه الحالة تصيب أغلب الآباء والأمهات بعد كبر الأبناء واستقلالهم المادي.
والوحدة يا عزيزتي في حد ذاتها ليست مشكلة، وإنما طريقة كل شخص في التعامل معها، فوحده الاستسلام للوحدة سيجلب لك الأضرار الجسيمة، فالوحدة والانعزال لفترات طويلة بالفعل له آثار سلبية غير جيدة، منها، أنه قد يضعف من قدرة الجهاز المناعي على محاربة المرض، حيث يتسبب ذلك في إفراز بعض الهرمونات نتيجة للضغوط النفسية والعصبية، مما يؤثر على جهاز المناعة، كما أن الوحدة قد تؤثر غالبا على اختيارات الطعام الذي نتناوله وكيفية تحضيره من دون عناية واهتمام كافيين.
والآن، عندما تتملئين بفكرة إيجابية عن الوحدة، سيمكنك فعل الكثير، فأفكارك عن الوحدة هي ما سيدفعك لسلوكيات إيجابية على طريق الاستمتاع، نعم، يمكنك الاستمتاع بوحدتك، لا تفكري أبدًا أنك وحيدة ولا يوجد من يساندك، أو أن فلانة صديقتك تجلس الآن مع زوجها، وفلانة مع أحفادها، وفلانة التي هي أختك مثلا مع أولادها، وهكذا وهكذا فالمقارنات هي الثقب الأسود الذى سيجعلك تجترين الآلام حتى تغرقين فيها بلا قاع.
لم لا توظفين تواصلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي في اثراء حياتك، فهناك العديد من الصفحات التي يتوافر بها دعوات لحضور فعاليات وأنشطة ثقافية واجتماعية وغيرها، ففتشي عن هواياتك، عما تحبينه، عما كنت تمارسينه وتوقفت لسبب أولآخر، وتفاعلي، يمكن عبر هذه الوسائل التركيز على كيفية الإستفادة القصوى بما يناسبك، ماذا عن الخروج للتريض يا عزيزتي، أنت "حرة " فاستمتعي بحريتك في الحلال الطيب النافع، إن الوقت ليس متأخرًا أبدًا لتبدأي الإهتمام بنفسك، صحتك، جمالك، نعم، أنت مقبلة على دور مهم وممتع، لم لا تكونين تلك الجدة الجميلة المشرقة المبهجة ولا زلت بالفعل صغيرة، فكثيرات الآن يتزوجن في الأربعين وما بعدها وينشغلن في هموم التربية والرعاية حتى الستين والسبعين، أما أنت فلا، أنت لديك ميزة التفرغ وأنت في الريعان، لم يفت الوقت أبدًا، ولا تستبعدي فكرة الزواج، فلربما تجدين ونيسًا من مثل ظروفك، ولكن ذلك يحدث وأنت متحركة، نشيطة، مهتمة، محبة لذاتك، مبهجة، متفائلة.
هل استحلفك بالله أن تنهضي الآن، وفورا، رجاء لا تضيعي الوقت، فما بقي من عمرك هو الأجمل لو أحسنت التفكير والعمل، إن وحدتك هي فرصتك للتزود بالوقود للخروج إلى الناس وأنت أكثر قوة واستعدادا للظهور وجذب الصداقات الجديدة النافعة، فالوحدة هي فرصتك لإراحة العقل والجسم، فالتجديد بالراحة والتأمل مهم للغاية، إن اطلالتك وأنت هكذا ستفتح لك أبواب خير عظيمة، ربما تنخرطين في مشروعات تدر عليك رزقًا،وتكسبك خبرة، ربما تتبادلين أفكارًا راقية تثري روحك وعقلك، وتجدين رفقة طيبة في سفرات تنشيطية ، ترفيهية، تحتاجين إليها.
تذكري أن الوحدة الحقيقية أن يكون حولك ناس لا يشعرون بك ولا يهتمون ولا يشاركونك شئ، لا يعرفون عنك شئ ولا تعرفين، وربما ترين أنت نفسك هكذا في الأسر كثيرة العدد والتي يجلس كل واحد منهم جوار الآخر ممسكًا هاتفه النقال متواصلًا مع العالم كله بينما أخوه، زوجته، زوجها، ابنه، ابنته، لا يعرف أحد عن أحد ولا يتواصل أحد مع أحد، وكم من متزوجة تعيش الوحدة ومعها زوج فالهوة النفسية بينهما عميقة، مجرد أجساد متراصة، سراب عزوة وونس يحسبه الظمآن ماء، كما أننا نضطر كثيرا لمفارقة أحبابنا بإرادتنا لعمل أو لدراسة أو ما شابه.
إننا يا عزيزتي عندما نصنع محيطا يدعمنا ويحتوينا لا نكون في وحدة، وليس كل تجمع ضامن للونس واختفاء الوحدة، فهوني عليك.
وأخيرا، عزيزتي أليست نفسك عزيزة عليك أن تستمتعي بمنحها الوقت، إنالمعني الإيجابي للوحدة هو هكذا، عناية بالنفس بلا مزاحمة من أحد أو شئ، ثم حريةغالية، فأنت حرة في وقتك، في ما تشاهدينه، تسمعينه، خروجاتك، ما تدرسينه، ماتقرأينه، ما تفكرين فيه، بدون أي وصاية ولا قهر ولا تحكم ولا ضغوط !
هيا يا عزيزتي، انهضي من أجل نفسك، فالحياة تنتظرك.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.