ويضيف في درسه الأسبوعي والذي يبثه على قناته الرسمية على اليوتيوب أن وقفتنا اليوم مع سورة العنكبوت وهذه السورة ليست طويلة لكنها من السور الجميلة جدا والتي تريح النفس عند قراءتها.

ويلفت د. عمرو أن وقفتنا مع سور القرآن ليست مع كل آية ولكن نظرة عامة لمحاور السورة وموضوعاتها وأهدافها المحورية، موضحًا أن هذه السورة تدور آياتها بصفة عامة حول مفهوم مجاهدة النفس وما أعده الله لمن يجاهد نفسه وصور هذه المجاهدة ونماذج لهذه المجاهدة.

ويشير الداعية الإسلامي إلى أن السورة بدأة بداية قوية ومباشرة تنسجم مع هدفها الأكبر وهو مجاهدة النفس حيث يقول تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ.. وبهذا يتأكد أن الدنيا ليست دار نزهة وفرحة لكنها دار امتحان واختبار، ثم يقول الله تعالى مؤكدا هذا المعنى: "وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ".. لأن هذه السنة جارية على البشرية جميعًا.

ثم تتابع آيات السورة في انسجام  يقول تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ"

ويوضح أن في قوله تعالى  "مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" ترغيب لمن كان يرجو لقاء الله لا على سبيل العقاب بل للجزاء والنعيم وأن هذا اللقاء آت لا محالة.

ثم تبدأ الآيات مباشرة كما يقزل د. عمرو في الولوج إلى الهدف المحوري  وهو المجاهدة يوق تعالى" وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ" أي إن الذي يجاهد نفسه ويقاوم عبثها هو الفائز حقا وهؤلاء سوف يجازيهم الله أحسن ما كانوا يعملون

ويلفت د. عمر إلى صور من صور مجاهدة النفس وهي هنا بر الوالدين  سيما أن أحدهما أو كلاهما مشرك يقول تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" فهذا البر في هذه الحالة يحتاج لجهاد ومجاهدة، غير أن هذا العمل لا يضيع بل يكون سببا في دخول في زمرة الصالحين يقول تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ".

ثم تتوالى الآيات واتي تتضمن قصة سيدنا إبراهيم كمثال ونموذج لمجاهدة النفس فكم آسى وصبر وكم  تحمل وكم أوذي وجاهد في سبيل دعوته في قومه ووسط أهل ه حتى ألقوه في الار ولم يمنعه هذا عن مجاهدة النفس في تبليغ دعوة الله إلى قومه.

ويختم د. عمرو إلى أن الآية المحورية في هذه السورة والتي تظهر غايتها وهدفها هي آخر آية في السورة وهي قوله تعالى : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" وبها كانت سورة العنكبوت منسجمة من بدايتها حتى نهايتها حول هذا الغرض الأساسي وهو مجاهدة النفس والصبر عليها وعدم اللين حتى لا نكون مثل أوهن البيوت الذي هو بيت العنكبوت.. وأن من يفعل هذا ويجاهد نفسه سينال جزاؤه ويكون مع الصفوة الكرام البررة وهم المحسنون الذي يرفع الله ذكرهم ويعلي شأنهم.