عطاءات الله تعالى لا تنتهي وفيوضاته لا تتناهى فهناك أعمال كثيرة يهب الله عليها ثوابا عظيمًا وعلى رأس هذه الأعمال إطعام الطعام.
فضل إطعام الطعام:
بين الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم أن إطعام الطعام من صفات الأبرار حيث يقول الله سبحانه وتعالى:{إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا؛ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا. يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا. وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا. وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (الإنسان:5-12).
كما بينت السنة النبوية المطهرة ثواب وأجر من يدخل السرور على مسلم ومنها بلا شك أن تطرد عنه جوعًا فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ" (متفق عليه). وقال صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا" (صحيح الجامع).
إطعام الطعام طريقك للجنة:
ومن يتأمل آيات القرآن يجدها مليئة بما يعظم ثواب من يطعم الطعام وأي ثواب هو اعظم من ان يكون هذا العمل الجليل طريقك للجنة، قال الله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [البلد:14-18].
وعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ" (رواه الترمذي).
صور إطعام الطعام:
ولإطعام الطعام له صور كثيرة منها الولائم والأضاحي والعقيقة ولا شك أن الأولى بهذه أقرباءك وجيرانك وأصدقاءك وغريهم من الدوائر التي لها حقوق عليك ومنهم الجيران؛ فعن رسول الله صلى الله عليه وسل قالم: "مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ".
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ". (رواه مسلم).
أيضا القوت والرزق الذي ساقه الله إليك لا تنس حق الدواب منه ففي كل ذات كبد رطبة أجر وورد في السنة أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريق اشتدَّ عليه الحرُّ، فوجدَ بئراً، فنزلَ فيها، فشربَ ثم خرجَ، فإذا كلبٌ يلهثُ؛ يأكل الثَّرى من العطش، فقال الرجلُ: لقد بلغَ هذا الكلبَ من العطشِ مثلُ الذي كان بلغَ مني، فنزل البئرَ، فملأ خُفَّه، ثم أمسَكه بفيه حتى رَقِيَ، فسقى الكلبَ؛ فشكر اللهُ له؛ فَغفرَ له".(البخاري).
ومن يمتنع عن أداء حق الله فيما لديه من فضل رزق فهو معاقب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يكلمُهم اللهُ ولا ينظرُ إليهم يومَ القيامةِ ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليمٌ... ورجلٌ منع فضلَ ماءٍ ، فيقول اللهُ يومَ القيامةِ : اليوم أمنعُك فضْلِي كما منعتَ فضلَ ما لم تعمل يداكَ".
وبهذا اكتسبت هذه الفضيلة وهذا العمل الصالح مكانة عظيمة بين غيرها من أعمال البر.