الخشوع هو روح العبادة وجوهرها فمن صلى وهو لا يدرك ما يقول صار كأنه لم يصل وظل يعبد الله بلا روح ولا يستشعر حلاوة الطاعة.
أما من لزم الخشوع سبيلا فإن فإنه عبادته حتما ستكون مختلفة عن غيره ويرى في العبادة ملا يراه الآخرون ويستعذبها ولا يستثقلها ويظل يناجي ربنه لا يمل ويقبل عليه في كل وقت بقلبه وجوارحه.
ويؤيد هذا المعنى ما جاء عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، وقلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لا تُستجاب".(رواه مسلم).
مدح الله الخاشعين:
وقد مدح الله في كتابه الخاشعين المنكسرين لعظمته؛ فقال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}(الأنبياء/90)، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}(الأحزاب/35).
كما أن أُولى المنازل التي يحطُّ فيها الخاشعون رِحالَهم: مغفرةٌ من الله تمحق السيئات وتزيد الحسنات والأجر العظيم. قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(آل عمران/199).
فضيلة الخشوع ومنزلته:
وللخشوع منزلة عظيمة في الإسلام ومن يحصر عليه قليل فعن شداد بن أوس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أول ما يُرفع من الناس: الخشوع"،
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أول شيءٍ يُرفع من هذه الأمة الخشوع، حتى لا ترى فيها خاشعـًا".
نماذج للخشوع من السلف الصالح:
وهناك العديد من النماذج في السيرة وحال السلف الصالح الكثير من الأمثلة لحال الصالحين الخاشعين منها نماذج أن عروة بن الزبير أصاب رجله خبث فقرر الأطباء قطع رجله، فقال اقطعوها وأنا في الصلاة فقطعوها وهو يصلي، بل وقبل ذلك عباد بن بشر رضي الله عنه حيث رمي بثلاثة أسهم وهو يصلي فلم يقطع صلاته، كما في صحيح البخاري.
وكل هذا لا يعني أن الأمثلة كلها قديمة بل في واقعنا نماذج كثيرة لخاشعين وخبتين وإن كانت قليلة ذلك لأن حذيفة - رضي الله عنه قال: "أول ما تفقدون من دينكم: الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم : الصلاة".