فى شهر ربيع الأول هذا الشهر العظيم فرق الله فيه بين الحق والباطل، ووفى الله بعهده ووعده وأرسل خاتم رسله ختم النبوة والرسالة، وأتى بالعهد الأخير بين الله وبين البشر، وأرسله الله للناس كافة ورحمة للعالمين "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، وجعله أكثر الناس تبعاً الى يوم الدين ،وأعلى ذكره فى العالمين كل يوم يذكر على المنائر بين المشرق والمغرب خمس مرات،
بل وفي هذا الشهر العظيم جعل الله شانئه أي شانئ رسول الله صلي الله عليه وسلم هو الأبتر وقطع نسله لا نعلم عنهم شيئاً وأبقى عترته الكريمة بيننا وفينا الى يوم الدين، وحفظ الله له كتابه عن التحريف، سواء فى الشكل أو المضمون "لا تزال طائفة من أمتى قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم الى يوم القيامة" "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، "قُلْ صَدَقَ اللَّهُ" ، ربنا سبحانه وتعالى خاطبة بما لم يخاطب به الأنبياء، خاطب الأنبياء فقال يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض، فأحكم بين الناس بالحق.
وهذه الصفات من صفات ربنا بالمؤمنين أنه هو الرؤوف الرحيم، سبحانه وتعالى وصف سيدنا موسى فقال " إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى"، "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى" ؛ لكن عندما وصف نبينا الكريم جمع له بين الصفتين "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } قالوا الضمير يعود الى المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وأله سلم.
ووفقا لمنشور الدكتور جمعة فقد رفع الله شأنه حتى أكرم الكافر مع كفره المقطوع به لأنه فرح بمقدمة الشريف، أخرج البخارى أن أبا لهب عندما جاءته جاريته ثويبة تبشره بمقدم النبى صلى الله عليه وآله وسلم بإعتباره أنه أبن أخ له ففرح أبو لهب، فأعتقها وهو لا يؤمن بنبى ولا يعرف رسالة، فإن الله يوم الإثنين وهو يوم ميلاده الشريف يخفف عن أبى لهب العذاب لفرحة بمقدم النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فما بالك بالمؤمنين يفرحون بمقدمه ويحتفلون ويعلمون أولادهم حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ركن الإيمان، رسول الله ﷺ قدره عظيم.
وكيف يُدرِكُ في الدنيا حقيقتَه * قَومٌ نيامٌ تَسَلَّوا عنه بالحُلُمِ فَمبلغُ العلمِ فيه أنه بَشَرٌ * وأنه خيرُ خَلْقِ الله كلهم
حتى ان الله تعالى أغرى به السفهاء الى يوم الدين وفقا لجمعة لينال المرتبه العليا عند ربه، يسبونه ويشتمونه ويأخذ هو الأجر على ذلك مستمراً حتى بعد أن إنتقل إلى الرفيق الأعلى، فلكل إنسان سقفاً لا يتعداه ولكن ربنا سبحانه وتعالى رفع السقف عن نبيه ؛فجعله يترقى في مراقي العبودية والفضل والشرف إلى يوم الدين ،إلى ما لا نهاية له في الشرف والمجد صلى الله عليه وآله سلم "وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ " والنبي ﷺ لا وزر له بمعنى الإثم إنما بمعنى السقف الذى كان يمنعه من الترقى فى الكمالات ؛
بل ورفعه ربنا سبحانه وتعالى حتى لا يصطدم ظهره به أثناء علوه وصعوده في مراقى العبودية ،فالرسول ﷺ يتقلب فى شرف إلى شرف إلى يوم القيامة ،وهكذا يقول الناس الفاتحة زيادة فى شرف النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فكل صلاة وكل دعاء وكل قراءة وثواب يذهب إلى النبى ﷺ منه نصيب لأنه دال على الخير والدال على الخير كفاعله.