مرحبًا بك يا عزيزتي..
أقدر مشاعرك تمامًا وأتفهم هذا الوضع الجديد عليك، بعيوبه، ومميزاته، نعم هناك مميزات للوحدة!
وقبل أن أحدثك عن مميزات الوحدة، سأحدثك عن معاناتك التي تسمى في الطب النفسي " متلازمة العش الفارغ "، تلك التي تصيب الآباء والأمهات برحيل الأبناء خارج بيت الأسرة الكبير ليستقلوا ماديًا ومعنويًا.
هي سنة الحياة، كما غادرت أنت بيت والدك، وتزوجت وأنجبت وانشغلت، وتغيرت طريقة التواصل مع أهلك.
المشكلة ليست في الوحدة، ولا مغادرة الأبناء، وإنما في الاستسلام النفسي لأضرار الوحدة.
والمطلوب هو الامتلاء بأفكار ايجابية عن الوحدة، وقبولها، فأفكارك عن الوحدة هي ما سيدفعك لسلوكيات ايجابية على طريق الإستمتاع، نعم، يمكنك الإستمتاع بوحدتك، لا تفكري أبدًا أنك وحيدة ولا يوجد من يساندك، أو أن فلانة صديقتك تجلس الآن مع زوجها، وفلانة مع أحفادها، وفلانة التي هي أختك مثلا مع أولادها، وهكذا وهكذا فالمقارنات هي الثقب الأسود الذى سيجعلك تجترين الآلام حتى تغرقين فيها بلا قاع.
لم لا توظفين تواصلك عبر وسائل التواصل الإجتماعي في اثراء حياتك، فهناك العديد من الصفحات التي يتوافر بها دعوات لحضور فعاليات وأنشطة ثقافية واجتماعية وغيرها، وكذلك التفتيش عن هواياتك، عما تحبينه، عما كنت تمارسينه وتوقفت لسبب أولآخر أثناء زواجك ورعايتك لزوجك وأولادك.
من الممكن جدًا يا عزيزتي التركيز على كيفية الإستفادة القصوى بما يناسبك عبر هذه الوسائل.
وكذلك الخروج للتريض، والتفكير في الوحدة على أنها تمنحك الحرية، نعم أنت الآن "حرة " فاستمتعي بحريتك في الحلال الطيب النافع، إن الوقت ليس متأخرا أبدا لتبدأي الإهتمام بنفسك، صحتك، جمالك، نعم، أنت مقبلة على دور مهم وممتع، لم لا تكونين تلك الجدة الجميلة المشرقة المبهجة ولا زلت بالفعل صغيرة، فكثيرات الآن يتزوجن في الأربعين وما بعدها وينشغلن في هموم التربية والرعاية حتى الستين والسبعين، أما أنت فلا، أنت لديك ميزة التفرغ وأنت في الريعان، لم يفت الوقت أبدا، ولا تستبعدي فكرةالزواج، فلربما تجدين ونيسا بمثل ظروفك، ولكن ذلك سيأتيك وأنت متحركة، نشيطة،مهتمة، محبة لذاتك، مبهجة، متفائلة.
هل استحلفك بالله أن تنهضي الآن، وفورا، رجاء لا تضيعي الوقت، فما بقي من عمرك هو الأجمل لو أحسنت التفكير والعمل، إن وحدتك هي فرصتك للتزود بالوقود للخروج إلى الناس وأنت أكثر قوة واستعدادا للظهور وجذب الصداقات الجديدة النافعة، فالوحدة هي فرصتك لإراحة العقل والجسم، فالتجديد بالراحة والتأمل مهم للغاية، إن اطلالتك وأنت هكذا ستفتح لك أبواب خير عظيمة، ربما تنخرطين في مشروعات تدر عليك رزقا، وتكسبك خبرة، ربما تتبادلين أفكارا راقية تثري روحك وعقلك، تجدين رفقة طيبة فيسفرات تنشيطية ، ترفيهية، تحتاجين إليها.
تذكري أن الوحدة الحقيقية أن يكون حولك ناس لا يشعرون بك ولا يهتمون ولا يشاركونك شئ، لا يعرفون عنك شئ ولا تعرفين، وربما ترين أنت نفسك هكذا في الأسركثيرة العدد والتي يجلس كل واحد منهم جوار الآخر ممسكا هاتفه النقال متواصلا مع العالم كله بينما أخوه، زوجته، زوجها، ابنه، ابنته، لا يعرف أحد عن أحد ولا يتواصل أحد مع أحد، وكم من متزوجة تعيش الوحدة ومعها زوج فالهوة النفسية بينهما عميقة، مجرد أجساد متراصة، سراب عزوة وونس يحسبه الظمآن ماء، كما أننا نضطر كثيرا لمفارقة أحبابنا بإرادتنا لعمل أو لدراسة أو ما شابه.
إننا يا عزيزتي عندما نصنع محيطا يدعمنا ويحتوينا لا نكون في وحدة، وليس كل تجمع ضامن للونس واختفاء الوحدة، فهوني عليك.
وأخيرا، عزيزتي أليست نفسك عزيزة عليك أن تستمتعي بمنحها الوقت، إن المعني الإيجابي للوحدة هو هكذا، عناية بالنفس بلا مزاحمة من أحد أو شئ، ثم حرية غالية، فأنت حرة في وقتك، في ما تشاهدينه، تسمعينه، خروجاتك، ما تدرسينه، ماتقرأينه، ما تفكرين فيه، بدون أي وصاية ولا قهر ولا تحكم ولا ضغوط !
هيا انهضي من أجل نفسك.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
نصائح للتعامل مع الزوجة خلال فترة الحيض؟اقرأ أيضا:
أغبياء لكنهم بارعون في تسويق أنفسهم أمام الناس؟!