يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180).
وتتضمن هذه الأسماء مضادات عظيمة، تؤكد على أن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، فإذا كان هو العفو، فهو أيضًا المنتقم، وقد وردا هذا الاسمان في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه بهذا التتالي (المنتقم العفو).
في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة.. وذكر من بين التسعة والتسعين: المنتقم وذو الجلال والإكرام.
ترهيب وترغيب
وفي تفسيرهم لوجود الاسمين (العفو - المنتقم) يقول بعض العلماء: إنه في بعض الأحيان يتقدم الجلال على الجمال وفي بعض الأحيان يتقدم الجمال على الجلال، وهنا قد تقدم الجلال على الجمال منتقم لكنه عفو (ذلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥ ۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ).
المسألة ليست مسألة تخويف إنما هي مسألة توازن، وهي مسألة ترهيب وترغيب يدعو إلى الاستقامة ، المقصود أن نستقيم على صراط الله المستقيم ، المقصود أن لا نخرج عن حد البر، وأن لا نعصى الله أبدًا.
ولذلك يُهدد الله سبحانه وتعالى أولئك الذين ينحرفون، وهذا التخويف الذي يخوف به عباده يأتي مغلفا بكل رحمة يبدأ كلامه بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) يعني سبقت رحمته سبحانه وتعالى غضبه وسبق عفوه مآخذته.
فالله سبحانه وتعالى يأتي بعد كلمة منتقم بكلمة العفو ولذلك نراها من الأسماء المزدوجة التي لا تُذكر وحدها قول يا منتقم يا منتقم يا منتقم يُعطي شيء غير ذاك الترتيب المقصود فلابد علينا أن نقول (يا منتقم يا عفو).
اظهار أخبار متعلقة
المنتقم
أما المنتقم فيلجأ إليه الإنسان في حالة الضعف حيث لا يستطيع أن يصبر على أذية الآخرين فله أن يتعلق بهذا الاسم حتى يَخرج من انتقام ذاته ويُحيل هذا الأمر على الحكيم العليم الذي يعلم هل يستحق هذا الآخر مِنا هذا الانتقام.
وإذا كان يستحق فإن الله يوقعه به لأنه حكيم ولأنه يريد أن يعود ذلك الآخر إلى حظيرة قدسه وإلى استقامة منهجه وإلى صراطه المستقيم ، وإذا لم يكن يستحق فإن الله لا يستجيب دعائي بل يضعه في ميزان حسنات ذلك المظلوم الذي اعتقدت أنه يستحق الإنتقام الإلهي وهو ليس كذلك.
ذلك أن قمة التقوى وقمة الورع وقمة الاحتياط أن تجعلها لله وليس لعلمك ولا لرأيك ولا لظنك ولذلك من ضمن هذا يقول المؤمن «حسبنا الله ونعم الوكيل» كفايتي ربي هو أعلم ، وهو الذي بيده العفو وهو الذي بيده إيقاع الانتقام، وفي ذلك يقول الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، في كتاب "شرح أسماء الله الحسنى": قوله تعالى: "والله عزيز ذو انتقام" أي: لا يغلب على أمره، ولا توجد قوة أخرى ضده، وانتقامه لن يستطيع أحد أن يرده.