توقير العلماء وتبجيلهم خلق إسلامي رفيع.. هذه فضائله

بقلم | محمد جمال حليم | الجمعة 30 اغسطس 2024 - 12:55 م

للعلماء مكانة لا تدانيها مرتبة فهم مصابيح الدجى ونور الوجود بهم يستضاء الكون وتعلو مكانة الناس لاسيما العلوم النافعة التي تخص الآخرة وتخدم البشرية، قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ((11) سورة المجادلة) .

ولم يستو مع العالم غيره ولهذا ميزه ربه في القرآن بقوله قال عز وجل: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر من الآية:9).

توقير العلماء:

وحق لعالم أن يبجل ويحترم ويوقر فو ليس كغيره من البشر حقه أن يرفع كما رفعه الله أن يرفع أيضا بين الناس فحق الطلاب عليه وحق من يعامله أ يرفع قدره ويعلي شأنه فهذا حقه ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول : "ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ، ويرحمْ صغيرَنا ! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ".

وفي هذا يقول شوقي رحمه الله :

قــم للمــعــلــم وفـه التبجـيلا كاد المعلم أن يكون رســـولا

أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا

نماذج مشرفة لتوقير العلماء:

ومن يتتبع سير الصالحين من السلف الصالح ومن بعدهم يجد هذا خلق تبجيل العلماء وتوقيرهم حاضر بكل قوة والنماذج على ذلك كثيرة منها أنه حضر زيد بن ثابت رضي الله عنه جنازة فلما أراد ان ينصرف أخذ عبد الله بن عباس بركاب زيد ( وهو الحديدة التي يضع فيها قدمه ليركب الدابة) فقال له زيد: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنا هكذا نصنع بعلمائنا.

وكان الإمام ابو حنيفة لا يمد رجليه ناحية بيت معلمه حماد رحمه الله احتراما له ، وبين بيت أبي حنيفة وبيت معلمه المسافة الطويلة.

وهذا الخليفة المأمون كان قد طلب من الفراء أن يعلم ولديه النحو، وفي يوم من الأيام أراد الفراء أن يقوم من مجلسه فتسابق الولدان إلى نعل الفراء أيهما يقدمه له فاختلفا فيمن يفعل ذلك ، وأخيراً اتفقا على أن يقدم كل منهما واحدة ..ورفع الخبر إلى المأمون ، فاستدعى الفراء وقال له :من أعز الناس ؟ قال: لا أعلم أعز من أمير المؤمنين. قال : بلى، إن أعز الناس من إذا نهض من مجلسه تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين ، حتى رضي كل منهما أن يقدم له فردا، فظن الفراء أن ذلك أغضب الخليفة فاعتذر بأنه حاول منعهما فأبيا، فقال المأمون : لو منعتهما لعاتبتك

ومن النماذج المشرفة لتوقير العلماء ما ورد أن الإمام الشافعي رحمه الله كان إذا جلس في مجلس الإمام مالك رحمه الله يقلب الأوراق برفق شديد حتى لا ينزعج معلمه الإمام مالك.

أما الربيع بن سليمان فيقول عن نفسه: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له.

ومن لا يكرم العلماء يخسر كثيرا يكفى أن لا ينتفع بما لديهم من العلم، وفي هذا المعنى يقول الشاعر:

إن الــمعــلم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما

فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه واصبر لجهلك إن جفوت معلما