مرحلة الشباب ليست كغيرها من مراحل العمر فهي مرحلة النشاط والطاقة والحيوية وهي أيضا مرحلة التفكير والإبداع والإتقان ولهذا اعتنى بها الإسلام وأولاها عناية خاصة.
وصايا النبي لاغتنام مرحلة الشباب:
ومن وصايا النبي في هذه المرحلة ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
بل خصها النبي صلى الله عليه وسلم بذكر خاص بعدما ذكر العمر كله وأن الإنسان سيسأل عنه أمام الله يوم القيامة ففي الحديث قال عليه الصلاة والسلام: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه...".
ثمرات مرحلة الشباب:
ومن اغتنم شبابه واستثمره في طاعة الله تعالى فهو ليس غيره ولهذا وعده الرسول بثمرة ومزية خاصة بأن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الشاب العابد، فقال عليه الصلاة والسلام: "وشاب نشأ في عبادة الله".
اعتماد الرسول على الشباب:
ولقد الرسول صلى الله عليه وسلم على الشباب الواعي الذكر وبوأهم مكانتهم وقربهم إليه واعتنى بهم؛ فهذا أسامه بن زيد رضي الله تعالى عنهما أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجيش وكان عمره ثماني عشرة سنة. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة على قوم فطعنوا في إمارته، فقال: " إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله لقد كان خليقا للإمارة، وإن كان من أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده"، هذا محمد الفاتح العثماني الذي تحققت على يديه بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية وهو قد جاوز العشرين بقليل.
علماء من الشباب:
ومن يذكر دور الشباب وأهميته لا ينبغي أن يغفل أن الشباب بل الطفولة مرحلة تحصيل العلم الذي يثمر في مرحلة الشباب والأمثلة على ذلك كثيرة جدا؛ فهذا الشافعي ذلكم الفتى القرشي النابه والنابغ الذي سماه أهل مكة: (ناصر الحديث)، وتواترت أخباره إلى علماء عصره فكانوا يفدون إلى مكة للحج فيناظرونه ويأخذون عنه في حياة شيوخه ، حتى إن أحمد بن حنبل كان يترك مجلس سفيان ويجلس إلى الشافعي فلما عوتب في ذلك قال لمن يعاتبه: اسكت ؛ إنك إن فاتك حديث بعلو أدركته بنزول، وإن فاتك عقل هذا أخاف ألا تجده، ما رأيت أحدا أفقه في كتاب الله من هذا الفتى، ولقد جلس الإمام الشافعي للإفتاء وهو لا يتجاوز العشرين من عمره، وملأ الدنيا علما...
كل هذا وغيره من النماذج يثبت أن مرحلة الشباب مرحلة لابد من اغتنامها واستثمارها ويبين كيف أن الإسلام أدرك أهمية هذه المرحلة ودعا لعدم تضييعها