من أعظم مقاصد النكاح في شرع الله المطهر أن تسود المودة والرحمة بين الزوجين، إلا أن هناك من يحاول أن يوقع العداوة والبغضاء بينهما، من خلال نشر بعض الآراء الشاذة، التي تحض على التنمر بينهما، وإثارة الحديث عن حقوق الزوجة في إلزام الزوج بتوفير خادمة تخدمها، وعدم التزامها بخدمة زوجها، ومازاد الطين بلة، انتشار الكلام عن أن الزوجة ليست ملزمة بإرضاع أطفالها، وغير ذلك الكثير من الآراء التي تعمل على تخريب الأسر المسلمة وإفساد العلاقة بين الزوجين.

قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم /21 .

الحب والمودة والرحمة وليس السم في العسل

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " المودة هي : المحبة ، والرحمة هي : الرأفة ، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها ، أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد " .

فالزواج أساسه بين الزوجين هو الحب والعطف والمودة والرحمة، فالحب هو الذي يدفع الزوجة لتعين زوجها، فتجدها تكد وتعمل وتشقى من أجل مساعدة زوجها في تربية الأبناء وتوفير نفقات الأسرة، والسهر على تربية الأبناء، والحب هو الذي يدفع الزوج أن يحرم نفسه من الطعام طوال اليوم في العمل لكي يوفر لأسرته وأبنائه وزوجته نفقاتهم وسبل سعادتهم، وهو الذي يجعله يعمل في أكثر من وظيفة من بداية اليوم وحتى منتصف الليل من أجل أسرته.

وبدون هذا الحب يذهب كل زوج من الزوجين في اتجاه مختلف، فتنفك أواصر المحبة وعقدة المودة والرحمة ويكون تخريب الأسرة وتشريد الأبناء.

 يقول فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الإسلام حث الزوجة على التزين لزوجها، بحيث تكون دائمًا في صورة تدخل السرور على قلبه، ويشعر بالسكن الذي ذكره القرآن الكريم، وحث الرجل على العمل من أجل إسعاد زوجته وأمره بالعطف والحنان.

وأضاف شيخ الأزهر خلال حديث تلفزيوني، أن قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، آية لها أبعاد عميقة في بناء المجتمع الإسلامي.

وأوضح أن الآية تبين أن المرأة من الرجل، فالله خلق حواء من آدم (خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)، ثم قال (لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، أي يسكن في قلبها وتسكن في قلبه، وتكون هي المكان الذي يشعر فيه بذاته ويستعيد فيه قواه.

 كما عبر القرآن أيضًا عن هذا المعنى بقوله تعالى: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" فالزوج والزوجة كل منهما يلبس الآخر، أي يتحدان في شخص واحد، ثم يكون بعد ذلك بينهما المودة والرحمة، وهما أساس الأسرة المستقرة.

وتابع شيخ الأزهر، إن هذا السكن لا يتم إلا بأن تتجمل الزوجة وتتزين لتبدو في أحسن صورة، وهو ما بينه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوله (إذا نظر إليها سرته)، وهذا لا يعني أن تظل طوال اليوم أمام المرآة، ولكن ألا تكون في مظهر يؤدي إلى ركود المشاعر، وهو أمر يتطلب نوعًا من الجهد، إلا أن هذا الجهد هو طريق إلى الجنة.

وبين شيخ الأزهر، أن حق التزين كما أنه حق للزوج على زوجته، فهو أيضًا حق للزوجة على زوجها، وقد فسر ابن عباس- رضي الله عنهما- قوله تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، فقال أتزين لزوجتي وأتجمل لها كما تتجمل لي.

اظهار أخبار متعلقة

هكذا يكون الحب فتعلم من رسول الله

عن عائشة قالت : (رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وا رأساه فقال بل أنا يا عائشة وا رأساه) رواه ابن ماجه.

انظر إلى الحب النبوي الشريف من صاحبه صلى الله عليه وسلم لزوجته، حينما يعبر عن حبه وتعاطفه وتضامنه مع ألم زوجته، ويتألم لألمها، وينبغي أن تتذكر أيها الأخ المسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وللسيدة عائشة رضي الله عنها ثمانية عشر عاما ، مما يعني أن شكواها هذا الصداع كان في حداثة سنها قبل الثامنة عشرة، فصدقها النبي صلى الله عليه وسلم وتفاعل معها وجدانيا .

وسئلت السيدة عائشة رضي الله عنها مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِى خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ . رواه البخاري .

أسس العلاقة كما حددها القرآن

تقول دار الإفتاء المصرية، إنه فيما ورد في الكتاب العزيز أن الله سبحانه وتعالى حدد العلاقة بين الزوجين بأن تقوم على المودة والرحمة، منوهة بأن هناك عملين يحققان معنى المودة والرحمة الوارد بالآية 21 من سورة الروم.

 ونصحت «الإفتاء» عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الأزواج والزوجات، قائلة: شارك نصفك الآخر أوقاته السعيدة، وخفف من آلامه، لكي تحقق معنى المودة والرحمة، لقوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» الآية 21 من سورة الروم.

 وأوضحت أن معنى خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها أي نساء تسكنون إليها ، وعن قوله: من أنفسكم أي من نطف الرجال ومن جنسكم ، وقيل : المراد حواء ، خلقها من ضلع آدم ; قاله قتادة ، وجعل بينكم مودة ورحمة قال ابن عباس ومجاهد : المودة الجماع ، والرحمة الولد ; وقاله الحسن . وقيل : المودة والرحمة عطف قلوبهم بعضهم على بعض .