بالتأكيد لكل مدخل مفتاح، فمفتاح الصوم النية الخالصة لله تعالى، ومفتاح الصلاة الوضوء والخشوع لله تعالى، ومفتاح المعاملات والفوز بقلوب الناس حُسن الخلق، أما مفتاح إصلاح الحال كله في المال والولد والزوجة والعمل، فهو في صلاة الليل.
ذلك أن قيام الليل هو مفتاح البداية لأي حال صالح تتمنى أن تكون عليه ، فلو ظللت لفترة ما تشعر أن كل الأمور صعبة المنال، عليك أن تراجع نفسك مع قيام الليل ، فإن كنت بعيدًا عنه، فارجع من فورك، وإن كنت لم تجربه من قبل، فحاول أن تنهل من عظيم أجره، وبديع إحساسه، وأنهار جزاؤه، ذلك أن قيام الليل دأب الصالحين وطريقة الموفقين الطائعين وسنة متبعة عن خاتم الأنبياء والمرسلين من أحياها أحيا الله قلبه ونور بصيرته وبيض وجهه وثبت قدمه، ومن حرمه فقد حُرم خيرًا كثيرًا.
قيام الليل
حاول أن تعتبر قيام الليل أمرًا مقدسًا، تعامل معه باعتباره إنقاذ لك، أو باعتباره جهاز تنفس صناعي لو تم رفعه عنك تموت ، واعلم يقينًا أن الله سيلهمك الصبر في كل شيء، وسيهدي إليك كل خير مهما كنت تراه بعيدًا، وستعلم أنك لا تعيش وحدك في هذا العالم، مهما ابتعد عنك الصحاب والأقارب والأحباب والجيران>
ستجد من هو أفضل وأعظم، ستجد الله بجانبك، فإذا أصبت بحالة الضياع التي باتت تصيب بعض الشباب هذه الأيام، الجأ إلى الله سبحانه وتعالى ولا تتردد، قف بين يديه في سكن الليل وجوفه، واسأله ما شئت طمعًا وخوفًا، ابك كأن لم تبكِ من قبل، وادع كأنك لم تسأله من قبل، سيجيبك.. حتمًا سيجيبك.. لأن الله لا يمكن أبدًا أن يرد يدًا رفعت إلى السماء تسأله من خيري الدنيا والآخرة أو الاستغفار أو التوبة، وردها خاوية.. فهو الكريم الذي يعطي وعطاؤه لا ينفد أبدًا.
اقرأ أيضا:
وإن سألوك عن السعادة؟.. قل هذا مفتاحهاأين الله؟
فيا من تسأل (أين الله؟)، هل جربت أن تذهب إليه يومًا بإرادتك، هل اختر وقتًا طلبك هو إليه من قبل، فقال تعالى: « أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ» ( سورة الزمر: 9).
وكأنه يحدد لنا الموعد الذي ينتظرنا فيه، ومع ذلك ترى كثير من الناس، تبعد، وتنسى، أو لا تأخذ بالها من هذا الموعد، فيمر عمرها دون تحقيق لقاءً واحدًا بالله في جوف الليل، وهو أمر لو تعلمون عظيم، ولمّ لا والله سبحانه يصفهم بأعظم الصفات.
قال تعالى: «تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» (السجدة 16)، وقوله أيضًا سبحانه وتعالى: «وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ» (آل عمران 17)، وكلها آيات تدل على أن الله عز وجل ينتظرنا في كل ليلة، فمتى نجيبه؟.