من أغرب الأسئلة التي يسألها أحدهم: (هل لضرب الأم أو الأب كفارة؟)، إذ كيف يحدث هذا، كيف لابن مهما كان أن يمد يده على أبيه أو أمه، كيف له أن تسول له نفسه هذا الأمر، كيف أقنعه الشيطان بذلك؟، إلى أي مدى كان قلبه ميتًا حينها؟، وإلى أي مدى كان أبعد ما يكون عن رحمة الله عز وجل حتى يفعل هذا الفعل الفاحش البذيء؟.
كيف لهذا الابن أن ينسى فضلها، وسهرها، وكدها، كيف له أن ينسى من حملته في بطنها 9 أشهر تئن بفرح، وتتعذب ومع ذلك تستبشر به، فكيف بها تفرح لعذابك بها، وحينما تخرج أنت للدنيا تضربها؟، هل يُعقل ذلك؟، وهل هناك بالفعل أناس يتجاوزون مع أمهاتهم أو آبائهم لدرجة الاعتداء والضرب، إذا كان هذا موجودًا فالأمر إلى الله، نسأله التخفيف عنا، لأن الأمر جلل.
فضل الأم
الأم هي مصدر الحياة كلها، فبدونها لما خرجت، وكبرت، وترعرعت حتى كبرت وتطاولت عليها، هكذا بهذه السهولة، إنها الأم التي قال الله عز وجل في حقها: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ » (لقمان: 14)، وهي الأم التي قال أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم -وهو الذي فقد أمه صغيرًا- في حقها: «أمك، ثم أمك، ثم أمك؛ قالها المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاثاً لمن سأله: مَنْ أحق الناس بحسن صحبتي؟»، إنها الأم...
يا من تريد مغفرة الذنوب وستر العيوب، يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فيقول: أذنبتُ ذنبًا كبيرًا؛ فهل لي من توبة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل لك من أمٍّ؟»، قال: لا، قال: «فهل لك من خالةٍ؟»، قال: نعم، قال: «فبرَّها»، وما طالبه ببر خالته إلا تكريمًا للأم، فكيف تسأل عن كفارة ضربها؟.. وهل يُعقل بالأساس أن يتم ضربها؟!.
كفارة ضرب الأم
لكن إذا ضربت أمك، وأردت الكفارة فحاول أن تجلس تحت قدميها لبقية عمرك، تبكي وتتأسف وتطلب العفو والصفح، ستقول إنها صفحت.. بالتأكيد فهي في النهاية أم، لكن صدقًا لو ظللت عمرك كله تطلب الصفح ما وفيتها حقها.
عن مالك بن الحارث رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك والديه أو أحدهما، ثم لم يبرهما، فدخل النار، فأبعده الله»، ومن عقوبة عقوق الوالدين تعجيل عقوبة العاق لوالديه في الدنيا قبل الآخرة، فعن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «اثْنَتَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللهُ فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ».
ومن عقوبة عقوق الوالدين يفتح عاق والديه على نفسه بابين من أبواب جهنم، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَنْهُ رَاضِيَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَلَيْهِ سَاخِطَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ النَّارِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ».
اقرأ أيضا:
انشغالي بالعمل يجعلني غير حريص بالسنن والمستحبات..هل علي إثم؟