كيف يتصور مسلم لا يحب النبي .. فالنبي بالنسبة للمسلمين هو النور الذي أضاء الله به الكون ففتح به أعينا عمينا وآذانا صما وقلوبا غلف .. أخرج الله به الناس من عبادة العباد لعبادة رب العباد ومن السجود للأصنام والطواغيت للسجود لرب الأرض والسماء.
محبة الرسول:
ومن يتأمل يدرك كيف عانى رسول الله في إبلاغ دعوته وكم تحمل من أذى في سبيل إيصال الحق للناس فؤذي وتألم وطرد حتى أتم الله به النعمة وأضاء به الكون.
وعليه فالواجب على كل مسلم أن يحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من حبه لنفسه، وماله، وولده، والناس أجمعين، وأن يحبه أكثر من حبه لأي مخلوق آخر؛ سواء كان ملكا، أو غيره؛ كالعرش، والكعبة، وغير ذلك.
محبة النبي واجبة على كل مسلم:
ومحبة النبي ليس من نوافل العبادات التي إن فعلها المسلم أثيب ومن لم يفعلها لم يؤاخذ بها بل هي واجبة وقد ثبت في الصحيح من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين. وقال الله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ {التوبة:24}.
فدل على وجوب محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن محبته مقدمة على محبة جميع المخلوقات، وذلك لأن كل نفع وصل إلى العبد، فمن طريقه، وبواسطة بعثته الشريفة -صلى الله عليه وسلم-، وشرف، وكرم.
لماذا نحب رسول الله؟
ونحن نحب رسول الله لأن الله أمرنا بهذا ابتداء .. ولأن محبته من دلائل الإيمان وأركانه.. ولأنه سبب نجاتنا من النار ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أكرم الخلق على الله -عز وجل-، وأحب الخلق إليه، فهو -صلوات الله عليه- أفضل المخلوقات.
يقول البهوتي في كشاف القناع: وما خلق اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْبَرَاهِينُ. وَأَمَّا نَفْسُ تُرَابِ تُرْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَيْسَ هُوَ أَفْضَلُ مِن الْكَعْبَةِ، بَلْ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ. قَالَ فِي الْفُنُونِ: الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ، فَأَمَّا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، فَلَا وَاَللَّهِ، وَلَا الْعَرْشُ، وَحَمَلَتُهُ، وَالْجَنَّةُ؛ لِأَنَّ بِالْحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ.