هل سألت نفسك لماذا تفضل الأطعمة الحريفة، الغنية بالتوابل والبهارات على عداها من أطعمة؟، ربما تجيب بأن الأمر يتعلق برغبتك الشخصية في الأساس ولا علاقة له بأي شيء آخر، لكن في الواقع يرجع حب البعض للأطعمة، بما فيها الفلفل الحار إلى جينات الشخص نفسه، بمعنى أنه عامل وراثي، أكثر من كونه سلوكًا مكتسبًا، وفقًا لباحثين من جامعة إدنبرة.

خلال الدراسة، حدد الباحثون المئات من المتغيرات الجينية المرتبطة بالإعجاب بأطعمة معينة، بما فيها اليانسون والأفوكادو والفلفل وشرائح اللحم والأسماك الزيتية.

وقال الدكتور نيكولا بيراستو، كبير مديري الإحصاء الحيوي بمعهد البحوث البشرية تيكنوبول في ميلانو، مؤلف الدراسة: "على الرغم من أهمية مستقبلات التذوق، وبالتالي التذوق في تحديد الأطعمة التي تحبها، فإن ما يحدث في دماغك في الواقع هو الذي يقود ما نلاحظه".

وفي الدراسة، استخدم الباحثون الاستبيانات والتحليل الجيني لتقييم ولع 161 ألفًا و625 مشاركًا بـ 137 نوعًا من الأطعمة والمشروبات المشهورة، من بينها اللحم البقري والبيرة والخبز والدجاج والنبيذ الأحمر والفلفل الحار والشاي.

المتغيرات الجينية التي تؤثر على الأطعمة

وخلال الدراسة التي نُشرت في المجلة العلمية "نيتشر كومينكيشن"، اكتشف الباحثون 401 من المتغيرات الجينية التي أثرت على الأطعمة التي أحبها المشاركون.

وأثرت العديد من المتغيرات على أكثر من تفضيل غذائي واحد. على سبيل المثال، ارتبطت بعض المتغيرات الجينية بالاستمتاع بسمك السلمون فقط، بينما زاد البعض الآخر من حب الأسماك بشكل عام.

وبناءً على النتائج، أنشأ الباحثون خريطة طعام توضح كيف تأثر ولع المشاركين بمجموعات معينة من الأطعمة والنكهات المحددة بالمتغيرات الجينية.

وكشفت الخريطة عن ثلاث مجموعات رئيسية من الأطعمة التي تشترك في مكون وراثي مماثل:

تتكون المجموعة الأولى من الأطعمة اللذيذة ذات السعرات الحرارية العالية، بما فيها اللحوم ومنتجات الألبان والحلويات.

وتتكون المجموعة الثانية من الأطعمة "المكتسبة" ذات المذاق القوي، بما فيها الكحول والخضروات اللاذعة مثل الفلفل الحار.

وتحتوي المجموعة الثالثة على أطعمة منخفضة السعرات مثل الفواكه والخضروات.

اقرأ أيضا:

الشيء الوحيد الذي يجب عليك تجنبه إذا كنت تعاني من الاكتئاب!

الاشتراك في صفات صحية مميزة

ووفقًا للباحثين، فإن هذه المجموعات الغذائية الثلاث تشترك أيضًا في الجينات المعروفة بأنها مرتبطة بصفات صحية مميزة.

وتتأثر الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية بنفس المتغيرات الجينية المرتبطة أيضًا بالسمنة وانخفاض مستويات النشاط البدني، بينما تتأثر زيادة الإقبال على الفواكه والخضروات بنفس المتغيرات المرتبطة بالمستويات المرتفعة من النشاط البدني.

وفي الوقت نفسه، ترتبط المجموعة التي تفضل تناول الأطعمة ذات المذاق القوي "المكتسبة"، بمستويات صحية من الكوليسترول، ونشاط أكبر، فضلاً عن كونها أكثر عرضة للتدخين وشرب الكحول.

غير أن الباحثين فوجئوا بوجود اختلافات جينية بين الإعجاب بمجموعات فرعية من الأطعمة ضمن نفس الفئة. وعلى سبيل المثال، وجدوا علاقة ضعيفة بين الجينات المرتبطة بالخضروات المطبوخة والسلطة، والجينات المرتبطة بالخضروات ذات المذاق الأقوى مثل السبانخ والهليون.

قال الدكتور بيراستو: "إن التقسيم الرئيسي للتفضيلات ليس بين الأطعمة المالحة والحلوة، كما كان متوقعًا، ولكن بين الأطعمة الممتعة للغاية وذات السعرات الحرارية العالية وتلك التي يجب تعلم مذاقها".

وينعكس هذا الاختلاف في مناطق الدماغ المعنية على إعجابهم ويشير بقوة إلى آلية بيولوجية أساسية.

ويأمل الباحثون أن تُستخدم النتائج للمساعدة في تطوير منتجات غذائية صحية، وتحسين التدخلات الغذائية، وابتكار أدوية للمساعدة على إنقاص الوزن.

قال البروفيسور جيم ويلسون، رئيس علم الوراثة البشرية بجامعة إدنبرة: "هذا مثال رائع لتطبيق الأساليب الإحصائية المعقدة على مجموعات البيانات الجينية الكبيرة من أجل الكشف عن بيولوجيا جديدة، وفي هذه الحالة الأساس لما نحب أن نأكله. وكيف يتم تنظيم ذلك بشكل هرمي، من العناصر الفردية إلى مجموعات كبيرة من المواد الغذائية".