القرآن الكريم اهتم بأخبار السابقين، وإنما قص علينا قصصهم للعبرة، ولفهم كيف كانت تسير الأمور في أزمنة لم نعيشها، ولا نعلم عنها أي شيء على الإطلاق، قال تعالى يبين ذلك: «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (البقرة 134).
ومن هؤلاء الذين اهتم القرآن بذكر أخبارهم، أول متجبر في الأرض، وأول من وضع التاج على رأسه باعتباره ملكًا، وهو النمرود.. وهو أول ساحر في التاريخ .. وأول من تحالف مع الشيطان.. وأحد الملوك الأربعة المذكورين في القرآن الذين حكموا الأرض.. وهو أيضًا أول من ادعى الألوهية، ولعياذ بالله، وسمي النمرود لأنه تمرد على الشيطان حليفه ومعلمه كما أنه تمرد على أبيه وقتله لكي يستولي على الحكم وعرش بابل.. ويروى أن اسمه الحقيقي «زاهاك».
النمرود وإبراهيم
والنمرود هو الذي يكره الله في القرآن مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، في قوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» (البقرة 258)، ويروى أن النمرود تعلم السحر من الشيطان وعلمه لأتباعه فانتشر في عصره السحر والشعوذة، وقد وُجِد النمرود في حضارة بابل بالعراق في العام 2500 قبل الميلاد وكان حاكمًا ظالمًا مستبدًا، فأرسل الله في عهده، نبي الله إبراهيم عليه السلام ليهدي الناس وينجدهم من حكم النمرود .. إذ أن النمرود كان يأمر الناس بعبادته كما فعل فرعون من بعده.
اقرأ أيضا:
عزازيل صاحب النوايا الخبيثة.. قصة الشيطان من الأسر للغوايةالبعوض
أما فيما يخص نهاية مصيره، فيروى أن النمرود كان يقتل كل من آمن بالله وبرسالة نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهنا اتحد المؤمنون وكونوا جبشًا لكي يقاتلوا جيش النمرود ولكن كان جيش النمرود أكثر عددًا وعتادًا، فكانت أسلحة الناس بسيطة أمام أسلحة جنود النمرود، واجتمع الطرفان في ساحة المعركة وعندما رأى المؤمنون كثرة عدد جيش النمرود وأسلحتهم دعوا الله أن ينصرهم على النمرود وجنوده، فاستجاب لهم الله وأرسل جيشًا من البعوض علي النمرود وجيشه، فأكل البعوض كل جنود النمرود ولكن استطاع النمرود الهرب بمجموعة قليلة من جنوده، واختبأ في برج بابل ..
ولكن استطاعت بعوضة أن تلحق به وتمكنت البعوضة أن تدخل في رأسه، وكانت إذا تحركت في رأس النمرود جن جنونه، وكان لا يهدأ إلا إذا ضُرب بالنعال على رأسه، ويقال إن البعوضة استمرت داخل رأسه أربعين عامًا، ومات النمرود عندما ضرب نفسه في إحدى المرات ضربة قسمت رأسه نصفين وخرجت البعوضة من رأسه حجمها في حجم العصفور.. فسبحان الله الذي قال: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (آل عمران 26).