يؤمن المسلم يقينًا بأن الله عز وجل لا ينام، فإذا كان بإنسان (مخلوق) وليكن مثلاً يعمل (محولجي قطارات)، لا يستطيع النوم إذا كان في عمله، لأنه يعلم جيدًا أنه لو نعس للحظات فمن الممكن أن تقع حوادث بين القطارات لا حصر لها، ما يؤدي إلى كوارث لا حصر لها، فكيف بمن يمسك بالسموات والأرض؟.

فإن نام -وهذا أمر لا يمكن حدوثه أبدًا- وقعت السماء على الأرض، وانتهت الدنيا بما فيها، قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ» (الحج 65)، فالنوم نقصان، وحاشاه سبحانه أن يكون به أي نقصان، فهو الكامل الأعظم الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

سنة ولا نوم

والنوم بما أنه نقص فهو أمر ممتنع عن الله الخالق الجبار، لأن النوم أخو الموت، والله تعالى حي حياةً لا يطرأ عليها نقص أبدًا، فلا نوم، ولا موت، ولا سِنة؛ ولمّ لا وهو الذي قال في حقه: «اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» (البقرة 255).

ويروى أن كليم الله موسى عليه السلام، سأل ربه: لماذا لا تنام يا رب؟ فقال الرب جل في علاه: امسك قدحًا بيدك يا موسى واسكب بداخله ماءً وضعه في يدكَ وحذاري أن تنام، ففعل موسى ما طلب منه، فظل واقفًا عليه السلام، والقدح في يده فغلبه النعاس فسقط القدح من يديه وانكسر وضاع ماؤه، فقال ربي عز وجل: «وبعزتي وجلالي لو غفلت عن عبادي لحظة يا موسى لسقطت السماء على الأرض».

اقرأ أيضا:

ومن يتق الله يجعل له مخرجًا.. تعرف على معنى الوعد الإلهي في هذه الآية

ماذا قال موسى لربه؟ 

قد يقول قائل، إن هذه الرواية إسرائيلية، لكن المعنى صحيح تمامًا، ولذلك يجوز ضرب المثل بها، فهو يبين لنبيه موسى عليه السلام، -حسب الرواية- أنه لا ينام، ولو كان الله ينام لفسد هذا العالم منذ وقت طويل جدًا، وبما أن النوم جزء من الموت كما قال تعالى: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الزمر 42).

كما أن الله حي لا يموت أبدًا، قال تعالى: «وَتَوَكَّلْ عَلَى الحيِّ الذِي لَا يَمُوتُ» (الفرقان:58).