عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكَهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» رواه الترمذي.
ينشغل بعضنا بالناس وأحوالهم ومصروفاتهم وإنفاقهم ونجاحهم أو إخفاقهم، بأكثر مما ينشغل بنفسه، مع أن الأصل لو انشغل بنفسه لكان خيرا له، فوقت المسلم غال وأولاه الله أهمية عظمى في أن ينشغل فيه بكل ما ينفعه في الحياة الدنيات والأخرة، ومن الأمور المهمة التي حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على توجيهنا لها، والعناية بها، وهذا الحديث الشرف الذي يؤكد على هذا المعنى الجليل، ويصف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك المسلم ما لا يعنيه من حسن إسلامه.
وذلك لأن انشغال المسلم بغيره هو مضيعة لوقته، ولهو عما أمره الله به، وهذا يقتضي تركه ما لا يعنيه قولا وفعلا ونظرًا وفكرًا، فحسن إسلام المرء، ترك ما لا يعنيه من الأقوال والأفعال، ولا يحتاج إليه في ضرورة دينه ودنياه ولا ينفعه في مرضاة الله.
ودل النبي صلى الله عليه سولم على أن رأس مال العبد أوقاته، وإذا صرفها إلى ما لا يعنيه ولم يحصل في أوقاته ثوابًا ينفعه في الآخرة فقد ضيَّع رأس ماله، ووجه القرآن الكريم: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 114].
اظهار أخبار متعلقة
رجاحة عقل
وانصراف المرء عن أمر غيره مما لا دخل له فيه من أمور شخصية، وحرصه على سلامةِ دينهِ وعرضهِ، وانشغالهِ بنفسه عن شؤونِ الناس وتركهِ ما لا يعنيهِ، دليلٌ على رجاحةِ عقله، وكمال توفيقه.
وفي الأثر فقد خرجَ أحد الخدم من أحد البيوت وكان يحمل معه صحنٌ مغطى، فمرَّ بأحد الفضوليين، فسأل الخادم، ما يوجد في هذا الصحن المغطى، فقال الخادم، لو أراد أصحابهُ أن تعرفَ لما غطوه.
ومن حُسنِ اسلامِ المرءِ تَركُ الخوضِ فيما لا يَنفعُ، وعدمُ التكلُمِ فيمَا لا يُخصه وم ن حُسن اسلام المرء عدم تتبع العثرات والعورات.. وترك الإلحاح بالسؤال.. متى ذهب فلان؟ ومن أين جاء ؟ وبكم اشترى ومن أين ومتى؟ ومن أين لك هذا؟.
فالناس تتأذى من التدخل في شئونهم والاهتمام بتفاصيل حياتهم، بينما لو صَرفَ هذا المتدخل هذه الأوقات والجهود في أمورٍ أخرى لكان خيراً له.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِك".
وقال صلى الله عليه وسلم: «المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَنْ هجر ما حرم الله» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «من تتبع عورة أخـيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيـته».
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
وقال الله تعالى أيضا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70، 71].