كلنا نتحدث عن الصبر وفضائله، وجزاء الصابرين، لكن عند أول امتحان لنا بالابتلاء، دائمًا ما يجزع أغلبنا، ولا يذكر حديثه عن الصبر ولا كيف يصبر، وربما يكون هذا من هول ما أبتلي به أو من شدة مصيبته، ولكنه أيضًا قد لا يعرف كيف يصبر، فربما يكون الصبر بالنسبة له هو مجرد كلمات يقولها عند السعة وينساها عند الضيق.
والصبر كما يقول العلماء هو ابتلاءٌ لأهل محبته تعالى؛ قال تعالى: ﴿ اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [آل عمران: 200]، وفي الحديث: ((إن من أشدِّ الناس بلاءً الأنبياءَ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).
والصبر هو منزلة الأنبياء وأولياء الله الصالحين، وقد أمر به الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، وجعله دينا لكل أنبيائه، يفرق به بين أولي العزم وغيرهم، قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35].
كما أن الله جعل الصابرين أئمةً الهدى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ﴾ [السجدة: 24]
ومع ما نعرفه كلنا من القرآن والسنة عن الصبر وجزاءه وفضله، فيجب علينا أن نتعلم كيف نصبر عند المحن والشدائد والابتلاءات، ولا يكون صبرنا مجرد كلمات وقت نصيحة الغير فقط، فكيف نصبر؟.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبر1/ الصبر يكون عند الصدمة الأولى، فدرب نفسك أنه عند حدوث الابتلاء وبداية المصيبة أن تلقى مصيبتك بالصبر، فلا تقول ما يغضب الله، بأن تتذمر أو تعترض، أو تقول كلمات تدل على رفضك لابتلاء الله لك، بل يجب عليك أن تتمسك بقول " إنا لله وإنا إليه راجعون" فقد قال تعالى: " الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)سورة البقرة.
وحينما سأل النبي المرأة عن صراخها في مصيبتها وقالت له إليك عني، ثم عرفت أنه رسول الله واعتذرت، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى".
2/ تدريب النفس وتمرينها على الصبر والمسامحة؛ قال البوصيري:
وخالف النَّفْس والشَّيطان واعْصِهما
وإن هما محَّضاك النصحَ فاتَّهمِ
3/ التدريب على الزهد في الدنيا، وعدم التعلُّق بما فيها، حتى إن ذهب عنك شيئ ثمين في نظرك، لم تجزع ولم تيأس، فاعلم أن الدنيا كلها فانية.
4/ ندعو الله ونحن موقنون بالإجابة: "اللهم أجرنا في مصابنا، وأخلفنا خيرًا".
5/ اليقين بأن الفرج واليسر قادمان؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [ سورة الشرح ]، ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾[البقرة: 214]، فقد عاد لأيوب صحتُه وأهلُه ومثلُهم معهم، وعاد ليعقوب يوسفُ وأخوه.
6/ الرضا.
7/عدم تمني مصيبتك لغيرك فمَن تمنَّى كمصيبته لغيره، خسر ثواب صبره، والخلفة (التعويض) في مصابه.
ماهي أركان الصبر الجميل:
اعلم أيها المؤمن أن من صبر ظفِر، والصبر مِفتاحُ الفرج، ولكي يتحقق أركان الصبر الجميل يجب عليك الاتي:.
1- الرضا والتسليم لله على قضائه.
2- الحمد والشكر لله؛ فلا جزع ولا هلع.
3- الاسترجاع ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156].
4- الاحتساب ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].
5- اليقين: ﴿ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ [التوبة: 51].
6- المحبة لما يقدره الله.
جزاء الصابرين
1- ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].
2- ﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].
3- ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44].
4-﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155، 156].
5- ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 157].
6- ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ﴾ [السجدة: 24].
7- ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126].
8- ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17].
9- ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾ [الفرقان: 75].
10- ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 120].
13- ﴿ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [القصص: 54].