تسأل إحداهن (هل الاحتفال بعيد الميلاد حرامًا؟)، والحقيقة أن الثابت أن عيد الميلاد الشخصي، شيئ دنيوي وليس ديني، وطبيعي أن يفرح الإنسان بوجوده في الحياة أو بوجود ابنته أو ابنه، وهذه الفرحة بالتأكيد شيئ فطري غريزي، فإن كان الأمر كذلك فلا غبار عليه.
أما إذا كان لتقليد (أعمى) لغير المسلمين، فإن العلماء حذروا من ذلك، تحت قاعدة (من تشبه بقوم فهو منهم)، ومن ثمّ واجب على المسلمين تحري الحق والصواب في عاداتهم وتقاليدهم بأن تكون منضبطة بضوابط الشرع الحكيم، لا بالتقليد الأعمى، وقد ثبت في سنن أبي داود بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «ومن تشبه بقوم فهو منهم».
عيد لغوي
أما فريق العلماء الذين يرون أنه لا غبار على الاحتفال بعيد الميلاد، ذلك أنه عيد لغوي وليس شرعيا لأن كثيرين يرددون أنه (لا عيد إلا الفطر أو الأضحى)، وهذا صحيح، ولكن المعنى أنه (لا عيد يُتعبد فيه لله إلا الفطر أو الأضحى؛ لأننا في أول يومنا في هذين العيدين نصلي ونتقرب إلى الله ونعيد على بعضنا تقربًا إلى الله عز وجل، لكن عيد الميلاد اسمه عيد لأنه يتكرر كل عام فالعيادة هي التكرار، ومن ثمّ فهو ليس عيدًا شرعيًا أصلا.
أيضًا لو استخدم الشخص عيد ميلاده كنوع من التقرب إلى الله عز وجل، فلا غبار عليه في ذلك، بل هو الأفضل له بالتأكيد، بينما لو ساتخدمه لإفشاء الفاحشة، أو في أوضاع غير مسئولة أو لا يقبلها الشرع، فهي لاشك مما حرمه الله.. إذن النية وطريقة الاحتفال هي الفارق بين استحلال عيد الميلاد أو استحرامه.
اقرأ أيضا:
نسي الإمام التشهد الأول.. فما الحكم؟دليل شرعي
كثير من العلماء، بينوا أنه لا تحريم إلا بنص، ومن ثمّ فإن الاحتفال بعيد الميلاد إذا لم يتضمن أي خروج عن الأعراف الشرعية المعروفة، فهو لا بأس به، بينما لو تضمن احتفالات صاخبة ورقص وما إلى ذلك، فقد يكون قد دخل فيما يغضب الله، ليس لكونه احتفال بعيد ميلاد وإنما لكونه تضمن تصرفات خارجة عن الشرع، فالأصل أن يضبط المرء تصرفاته كلها بضوابط الشرع، وحينها ستسير الأمور كلها جيدًا دون الوقوع في الحرام أو ما شابه.
وقد روى أبو داود عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم.