الورع عن الشبهات واجتنابها والبعد عنها أصل عظيم من أصول الدين، كما قال صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. رواه مسلم.
والشبهات هي من فخاخ الشيطان ليجعل العبد متخبطًا وقد يقع في المعاصي و لها مثارات منها: الاشتباه في الدليل الدال على التحريم أو التحليل أو تعارض الحجج.
وقد اختلف العلماء في حكم الشبهات، فقيل بالتحريم وهو مردود، وقيل بالكراهة، وقيل بالوقف.
ومع اختلافهم في الحكم عليها، إلا أنهم متفقون على أن المؤمن كامل الإيمان وقاف عند الشبهات، للحديث: فمن اتقى الشبهات.
يقول العلماء في "إسلام ويب" إن اجتناب الشبهات على مراتب:
الأولى: ما ينبغي اجتنابه، لأن ارتكابه قد يستلزم ارتكاب الحرام، كمن أراد أن يتزوج امرأة يشك في رضاعها معه.
الثانية: ما أصله الإباحة، كمن له زوجة وشك هل طلقها أم لا؟ فالأصل هنا بقاؤها في عصمته، فلا يلتفت إلى الشبه إلا بيقين.
الثالثة: ما تردد أصله بين الحلال والحرام، فالأولى تركه.
الرابعة: ما يندب اجتنابه، كمعاملة شخص يختلط ماله بالحرام.
الخامسة: ما يكره اجتنابه، كاجتناب الرخص الشرعية على وجه التنطع.
فقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه.
معناه أن من ترك الشبهات فقد حفظ دينه وصان عرضه، قال النووي: استبرأ لدينه وعرضه: أي حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي، وصان عرضه عن كلام الناس فيه.
والشبهات: هي الأمور المترددة بين الحل والحرمة.
والمقصود من الحديث: الأمر بترك الشبهات، لكن هل تركها واجب أو مندوب؟ هذا محل خلاف بين العلماء والراجح - والله أعلم - أنه مندوب، قال النووي: ما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبه، فهل يؤخذ بحله أو بحرمته؟ أم يتوقف فيه؟ ثلاثة مذاهب حكاها القاضي عياض وغيره.
وقال ابن رجب: وأنواع الشبه تختلف بقوة قربها من الحرام وبعدها عنه، وقد يقع الاشتباه في الشيء من جهة اشتباه وجود أسباب حله وحرمته، كما يشك الإنسان فيه هل هو ملكه أم لا؟ وما يشك في زوال ملكه عنده، وهذا قد يرجع فيه إلى الأصل فيبني عليه، وقد يرجع في كثير منه إلى الظاهر إذا قوي على الأصل، ويقع التردد عند تساوي الأمرين، وقد يقع الاشتباه لاختلاط الحلال بالحرام في الأطعمة والأشربة من المائعات وغيرها من المكيلات والموزونات والنقود.
فكل هذه الأنواع من كان عنده فيها علم يدله على حكم الله ورسوله فيها فتبعه فهو المصيب، ومن اشتبهت عليه، فإن اتقاها واجتنبها فقد فعل الأولى واستبرأ لدينه وعرضه فسلم من تبعتها في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىاقرأ أيضا:
لو عايز تبقى مع النبي في الجنة.. داوم على هذه الأمور تكون رفيقًا له