يسأل أحدهم: (هل المعاصي تمنع الأرزاق؟)، والحقيقة أن المعاصي لا تحرم الأرزاق ولا تمنعها أبدًا، ذلك أن من صفات الله أنه جواد يعطي بالليل وبالنهار، ومفضال بلا سبب، فمن يقول إياك والمعاصي فإنها تحرم الأرزاق (هذا كذب على الله) الواقع يكذبه ، لا معصية أكبر من الكفر بالله ، ومع ذلك فالكافر يُرزق، كما أن صفات الله عز وجل ليست عبارة عن ردود أفعال، إنما هو يوزع الأرزاق بحكمة.
لكن هناك بالفعل هناك بعض المعاصي كالكبائر وأبرزها (الزنا) ولعياذ بالله قد تكون سببًا في منع الرزق، ومن ثّم فإن الذنوب والمعاصي تحرم العبد من الرزق لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إن العبد ليحرم من رزق هيأ إليه بسبب المعصية»، فالرزق ليس مالا فقط بل يكون استجابة دعاء أو توفيق في اتخاذ قرار أو في الصحة أو زوجة صالحة.
فالمعاصي تحرم العبد من نور العلم كأن يقرأ العبد القرآن الكريم ولا يتأثر به هذا سببه المعاصي وآخر يقرأه ويتأثر به ويعمل به، وقد تجد عالمًا لديه علم غزير ولكنه لا يستفاد منه وتجد أخلاقه وسلوكه غير مستقيمة.
أسباب ضيق الرزق
أما عن أسباب ضيق الرزق، فقد بيّن العلماء أن الرزق غير محصور بالمال، بل يتعداه إلى الصحة، والعافية، والذرية، والاستقرار الأسري وغير ذلك الكثير مِن نعم الله سبحانه وتعالى التي لا يُحصيها عقل آدمي، وفي تفسيرِ قوله تعالى: «لهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ».
يقول الإمام الطبري رحمه الله: «يُوسِّعُ رِزقَه وفَضلَه على من يَشاءُ من خَلقِه، ويَبسُطُ لَه، ويُكثِّر ماله ويُغنيه. ويَقدِر: أي ويَقتُر على من يَشاءُ مِنهم فيضيِّقُه ويُفقِره»، ومن ثمّ فإن الله سبحانه وتعالى، يحكم بعلمه الواسع وحكمته بأن يوسع على من يشاء لعلمه بمن يصلحه البسط في الرزق أو يفسده، ويقدر على من يشاء لعلمه بمن يصلحه التقتير عليه أو يُفسده، وقد تكون السعة في الرزق جزاء على الإحسان للمسلم ولغيره، كما لا تكون ابتلاء وكذلك أمر التقتير.
اقرأ أيضا:
انتبه.. قد تعق أبويك وأنت لا تشعر .. هذه أهم صور بر الوالدينحكمة ربانية
أيضًا من حكمة الله عز وجل المفاضلة بين الناس في الرزق، قال تعالى: «وَاَللَّه فَضَّلَ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض فِي الرِّزْق فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقهمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللَّه يَجْحَدُونَ»، وفي الآية تبيان اختلاف الناس في الأرزاقِ وتفاضُلهم فيها فمنهم غني ومنهم فَقير، ثم إن الأغنياءَ لم يؤدوا زكاة أموالهم وصدقاتها فينتفع بها الفقراء ليتساووا في الرزق، وفي ذلك حكمة ربانية لِيُسال كل عبد عن رزقه وعن حقوق الناس فيه.
أيضًا من أسباب ضيق الرزق (الزنا) فعن عبد الله عمر رضِيَ اللهُ عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «الزِّنا يورِثُ الفقرَ»، وقد قُرن الزنا بالفقر في أكثر من مَوضع في الأثَر لِما له مِن فسادٍ للمجتمعات وهدم لبنيانها.