قرأت حديثا وقال لي زميلي أنه في صحيح البخاري، فيما معناه أن ملك الموت حضر إلى سيدنا موسى ففقأ سيدنا موسى عينه ورفض الموت في ذلك الوقت، فهل هذا صحيح؟
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بإسلام ويب أن الحديث المشار إليه حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما كما رواه غيرهما، ولفظه عن أبي هريرة قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر.
قال العلماء: أنكر هذا الحديث بعض المبتدعة وقالوا: إن كان موسى عرفه فقد استخفَّ به، وإن كان لم يعرفه فكيف لم يقتص له منه؟.
والجواب: أن الله تعالى لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختباراً، وإنما لطم موسى ملك الموت لأنه رأى آدمياً دخل داره بدون إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الشرع فقأ عين الناظر في دار المسلم بغير إذن.
وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء، ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه.
وقالوا: إن موسى دفعه عن نفسه لما رُكِّب فيه من الحدة، وأن الله تعالى رد عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاء من عند الله فلهذا استسلم حينئذ، وقالوا: لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحاناً للملطوم... إلى غير ذلك من الأجوبة التي ذكروها. انتهى ملخصاً من شرح فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر.