كثير من الأزواج في هذه الأيام، تراه يهدد زوجته فيقول لها ((انتِ محرمة عليّ شافعي ومالكي وأبو حنيفة)، ويمر الأمر وكأنه لم يكن، وهو لا يدري حجم الضرر البالغ الذي وقع فيه، وحجم الكارثة التي فعلها.
فهو لا يدري أنه بذلك وجبت عليه الكفارة، ، ولا يجوز له أن يستمتع بها حتى يخرج هذه الكفارة، وهي: (عتق رقبة، فإن لم يجدها فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع، فعليه إطعام ستين مسكينًا)، ويبين العلماء أن قول الرجل لامرأته أنت علي حرام أو محرمة... هو كناية يحتاج إلى نية، فإن قصد به الظهار كان ظهارًا، وإن قصد به الطلاق كان طلاقًا، وإن قصد به اليمين كان يمينا تلزم فيه كفارة اليمين.
الترتيب في الكفارة
فإذا وقع الرجل في هذه الكلمات (انتِ محرمة عليّ شافعي ومالكي وأبو حنيفة)، ثم أطعم ستين مسكينًا، أو دفع قيمتها بعد العجز عن صيام شهرين متتابعين، فإن ما فعله صحيح إن شاء الله تعالى، لأنه مستند على قول قوي ومذهب معتبر.
أما إذا كان قد دفع الكفارة (الإطعام) وهو قادر على عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، فإن ذلك لا يجزئه لأن كفارة الظهار تجب على الترتيب، كما جاء في الآية الكريمة، قال تعالى: «وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (المجادلة:3-4)، كما أن مجرد وضعها في المسجد لا يكفي، فلا بد من إيصالها إلى المساكين أو وضعها في يد أمينة توصلها إليهم.
اقرأ أيضا:
من نشرها دخل الجنة .. هل هذا من التقول على الله؟كلمات من نار
احذر الوقوع المتكرر في مثل هذه الكلمات، لأنها كلمات من نار، فقد تحرم عليك زوجتك، وأنت لا تدري، وتجامعها، فتقعا فيما حرم الله عز وجل، وهنا يعود العلماء إلى قصد الرجل من قوله، فإن كان قد قصد بذلك الظهار فالراجح أنه يكون ظهارًا وعليه حينئذ كفارة الظهار، وأما إن كان قصد الطلاق فالراجح أنه يقع به الطلاق.
وإذا كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، فهي طلقة رجعية، وما دام قد جامعها بعد ذلك فقد حصلت الرجعة على الراجح عند العلماء، ولا شيء عليه في هذا الجماع فهي زوجته، لكن إذا كانت هذه هي الطلقة الثالثة فقد حرمت عليه زوجته وبانت منه بينونة كبرى، وحينئذ فإن جماعه لها من قبيل الزنا،لأنها لا تحل له إلا إذا تزوجت زوجًا غيره زواج رغبة لا زواج تحليل ويدخل بها الزوج الثاني ثم يطلقها.