تسأل إحداهن: هل يجوز للحائض أن تزور المقابر؟.
زيارة المقابر لابد أولا أن تكون للعظة والدعاء للميت، وليس لشيء آخر، فقد اختلف أهل العلم في زيارة القبور للنساء، فذهب الجمهور إلى الكراهة واحتجوا بأدلة منها حديث أبي هريرة عند أحمد، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله زوارات القبور»، ولأن النساء فيهن رقة قلب وكثرة جزع وقلة احتمال للمصائب، وهذا مظنه لبكائهن ورفع أصواتهن.
وذهب الحنفية في الأصح إلى أنه يندب للنساء زيارة القبور كما يندب للرجال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر بالآخرة».. كما أنه يجوز للمرأة الحائض أن تزور المقابر، وأن تحضر صلاة العيد خارج المسجد في الساحات، ويجوز لها أن تقف على غُسل الموتى (النساء)، ويجوز لها أن تذكر الله، وأن تسبح، وأن تقرأ القرآن من الموبايل أو من كتاب فيه قرآن غير المصحف، وأن تزيل شعر الجسد، وأن تزور المحارم، وأن تزور النفساء (المرضعة).
زيارة النساء للمقابر
أما تحديدًا فيما يخص زيارة النساء للمقابر عمومًا، فإن كان ذلك لتجدد الحزن والبكاء وما جرت به عادتهن فلا تجوز، وعليه حمل حديث: لعن الله زوارت القبور. وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء فلا بأس، فعن عبد الله بن أبي ملكية أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور. قالت: نعم. ثم أمر بزيارتها، ولحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن مسلم أنها قالت يا رسول الله: كيف أقول إذا زرت المقابر، قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وأما حديث لعن الله زوارات القبور، فتوجيهه كما قال الإمام القرطبي رحمه الله: اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة.
اقرأ أيضا:
من نشرها دخل الجنة .. هل هذا من التقول على الله؟أمور لا تجوز
إذن لا فرق عند من يقول بإباحة زيارة القبور بين أن تكون المرأة حائضًا أو نفساء، وبين أن تكون في طهارة، ولكن أهل العلم إذا كانوا قد اختلفوا في حكم زيارة النساء للقبور، فإنهم إنما يختلفون فيها في الحالة التي تكون فيها المرأة بالبكاء الشديد والنحيب، وما إلى ذلك من الأمور التي تفعلها النساء، وهي أمور لا ترضي الله أبدًا.
ومما يدل على ذلك إقراره صلى الله عليه وسلم للمرأة التي مر بها تبكي عند قبر، كما في البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري».