فقط عشرة أيام، تقلب حياتك رأسًا على عقب، فبعد أن كنت عبدًا عاديًا، قد يصوم ويصلي ويدفع الصدقات، إلى عبد مقرب ومحبب إلى الله عز وجل في بضع أيام قليلة، وذلك على أن تزيد من ذكر الله أينما كنت في هذه الأيام المحببة إلى الله عز وجل: أيام العشر من ذي الحجة)، فتجمع بين أيام يحبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأيام تستغلها في التقرب إلى الله عز وجل بما يحبه الله عز وجل، وهو الذكر.

فقد روى الإمام الحاكم في المستدرك وصححه عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر الله»، وفي رواية عند الحاكم أيضا : «أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى الناس والذين يراعون الشمس والقمر».

الشغل الأهم

قد يكون وقتك مشغولاً بعملك أو باهتماماتك أو مذاكرتك، وقد تكون هذه الأيام للامتحانات لبعض الطلاب، لكن لن يأخذ منك الذكر من هذا الوقت، ولن يعطلك أبدًا عن عملك ودروسك، بينما سيفتح لك آفاقًا ما كنت أبدًا تدركها من قبل، احلو أن تجعل من الذكر شغلك الشاغل في هذه الأيام (العشر من ذي الحجة)، فتنال رضا ليس كمثله رضا، وكن مع الذين شغلوا أوقاتهم بالذكر وربطوه بأوقات الليل والنهار، فأذكار قبل الشروق وأذكار بعده وأذكار قبل الغروب وأذكار بعده، وأذكار في الليل وأذكار في السحر، وجعلوا ذلك على هيئة الوظائف الراتبة فكما يحافظون على الصلوات الفرائض والرواتب في أوقاتها كذلك عهدوا إلى هذه الأوقات التي رغب فيها الشرع الشريف فقرنوا بكل منها ما يناسبها من الأذكار التي أذن فيها الشرع من الاستغفار والصلاة على سيد الكونين صلى الله عليه وسلم والتهليل، والذكر بالأسماء الحسنى.

اقرأ أيضا:

ومن يتق الله يجعل له مخرجًا.. تعرف على معنى الوعد الإلهي في هذه الآية

أهل الهمة

ربما لم يكتب لك الحج هذا العام، عسى الله أن يرزقك إياه العام المقبل، لكن إياك أن تمر هذه الأيام مرور الكرام عليك، فتكون خسرت الحج، وأيام الحج، واعلم أن الصحابة الكرام يم يكونوا أبدًا يخسرون مثل هذه الأيام، فقد كان يشغلهم الصوم فيها والصلاة وقيام الليل، وأيضًا الذكر والتسبيح ليل نهار.

فكانوا أهل همة وحضور للقلب مع الله، وأهل فهم عن الله، وأهل محبة وتعلق بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أنهم قد ملأوا أوقاتهم بطاعة الله ونفع عباد الله، وملأوا أسرارهم بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعمروا الدنيا بالبذل وتقديم الخير لكل الناس لوجه الله لا لمنصب ولا لجاه فاستحقوا بذلك أن ينالوا شرف صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وها قد أتتك الفرصة لتكون كمثلهم، فإياك أن تضيعها.