كان الرسول الله صلي الله عليه وسلم عديدا من السنن والآداب النبوية حينما كان يحرص علي أداء فريضوة الحج التي أداها مرة واحدة بحسب عديد من الفقهاء حيث دخل النبيّ ﷺ مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، فأتى بابَ المسجد فأناخ راحلته ثم دخل المسجد، واستلم الحجر الأسود، ثم مضى عن يمينه، فرمل ﷺ حتى عاد إليه ثلاثًا –
والرمل وفقا للآدب النبوي وتعريف جمهور العلماء : هو إسراع المشي مع تقارب الخُطى –ومشى أربعًا على هينة، فعَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ «إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ، أَوَّلَ مَا يَطُوفُ: يَخُبُّ ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ». [أخرجه البخاري]
وكان ﷺ يدعو الله بين الركن اليماني والحجر الأسود بقوله تعالى:"رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" "البقرة: 201"، وذلك في كلّ شوط.
وبعدها نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}. [البقرة: 125]
وقام صاحب المقام الرفيع صلي الله عليه وسلم ورفع صوته يسمع الناس وجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين وقرأ في الركعة الأولى (الفاتحة والإخلاص)، وفي الثانية (الفاتحة والكافرون)، ثم ذهب إلى ماءِ زمزمَ فشرب منها، وصبّ على رأسه، ثم رجع إلى الركن فاستلمه.
وروي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ، أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلاَثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ». [أخرجه البخاري
وكان من عمل النبي خلال موسم الحج الاجتهاد في السعي على طلب الرزق الحلال في اليوم شديد الحر عمل جليل، له ثواب عظيم فقد مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ فَرَأى أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ فَقَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ
«إِنْ كَانَ خَرَجَ يِسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوُيْنِ شَيْخَينِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانِ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يَعفَّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رَيِاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ». [أخرجه الطبراني]
وكان من سنة النبي محمد صلي الله عليه وسلم إحرام سيدنا رسول الله ﷺ في حجة وداعه حيث أحرم النبيّ ﷺ وصلّى ركعتي الإحرام بمسجد ذي الحليفة، فعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: «مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ». [أخرجه البخاري]
ثُمَّ رَكِبَ الرسول -ناقته- الْقَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ»، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ. [أخرجه مُسلم]
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبر«ومَكَثَ النبي ﷺ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ حِجَجٍ -أي سنوات-، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَاجٌّ هَذَا الْعَام، فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَة -أي 25 من ذي القعدة-» [أخرجه النسائي]
ثم حدد النبيُّ ﷺ مواقيتَ الإحرامِ المكانيّةَ لحجاج بيت الله الحرام، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ؛ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ». [أخرجه البخاري]
وحجَّ النبيُ صلى الله عليه وسلم حجَّةً واحدة في عُمره، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة بعد فتح مكة، ودَّع فيها أصحابه وأُمَّته؛ ولذلك سميت بحجة الوداع، فقال لهم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ لَعَلِّي لَا أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا». [أخرجه البيهقي]
وواعتبر الكثيرون أن حجة الوداع مثلت لقاء مهم بين النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، وفيها أرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم القواعد التي تضمن للإنسان والمجتمع حياة آمنة ومستقرة، وكذا التطور والنَّماء للفرد خاصة وللمجتمع بصفة عامة