إذا كانت والدة تجبر ابنتها على نمص حاجبيها، مع أن البنت راضية رضى تاما عنها، والأم تتحجج بأنها لا تريد الناس أن يتكلموا عن ابنتها أو أنها لا تغير من شكلها، بل تزيل زوائد، وهي لا تعلم حكم النمص من أساسه، ولا تريد أن تعلم، ولكنها لا تجبرها جبرا، أو تأمرها بفعل ذلك، بل الأم هي من تقوم بفعل هذا، والبنت ليس لديها أحد يستطيع أن يغير رأي أمها أو يقف بجانبها على الأقل، فهل سوف تلعن على شيء هي في الأصل لا تريد أن يحصل؟ وماذا عليها أن تفعل؟ رغم أنها حاولت مرة أن تقف عند رأيها وانتهى بها المطاف مكسورة الخاطر واليدين؟.
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: جمهور الفقهاء على تحريم النمص لغير المتزوجة، والمفتى به عندنا عدم جوازه للمتزوجة وغير المتزوجة، وقد بينا أقوال أهل العلم في حكم النمص بفتوى سابقة قلنا فيها: توجد في المذاهب الأربعة أقوال بجواز النمص للمتزوجة، ولغير المتزوجة، ولكن مذهب جمهور الفقهاء في جواز النمص إنما هو مقيد بالمتزوجة، ومذهبهم في غير المتزوجة عدم الجواز.
كما جاء ذلك في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّنَمُّصُ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجَةِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجَةِ فِعْل ذَلِكَ إِذَا اُحْتِيجَ إِلَيْهِ لِعِلاَجٍ أَوْ عَيْبٍ، بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَكُونَ فِيهِ تَدْلِيسٌ عَلَى الآْخَرِينَ.
قَال الْعَدَوِيُّ: وَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَنْهِيَّةِ عَنِ اسْتِعْمَال مَا هُوَ زِينَةٌ لَهَا، كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَالْمَفْقُودِ زَوْجُهَا. أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّنَمُّصُ، إِذَا كَانَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ؛ لأِنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ، وَالزِّينَةُ مَطْلُوبَةٌ لِلتَّحْصِينِ، وَالْمَرْأَةُ مَأْمُورَةٌ بِهَا شَرْعًا لِزَوْجِهَا. وَدَلِيلُهُمْ مَا رَوَتْهُ بَكْرَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- عَنِ الْحِفَافِ، فَقَالَتْ: إِنْ كَانَ لَك زَوْجٌ فَاسْتَطَعْتِ أَنْ تَنْتَزِعِي مُقْلَتَيْك، فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَن مِمَّا هُمَا، فَافْعَلِي. صحيح مسلم بشرح النووي.
مركز الفتوى تابع قائلًا: والذي نختاره من أقوال أهل العلم منع ذلك مطلقاً، سواء أذن الزوج أو لم يأذن، ولو بنية التزين للزوج، اللهم إلا أن تكون كثافة الحاجب قد بلغت حدا مشوها للخلقة، وخرجت عن المعتاد، فلا حرج حينئذ في تخفيفه بالقدر الذي يزول به هذا التشوه ولا يتعداه..
وعلى أية حال؛ فلا حقّ لأمّك في إجبارك على النمص؛ ولا تلزمك طاعتها إذا أمرتك بفعله، بل لا تجوز لك طاعتها في فعله؛ فالطاعة إنما تكون في المعروف، ففي الصحيحين عن علي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ.
فبيني لها حكم النمص وخطورة اللعن المرتب عليه لعلها تترك وشأنها، فإذا لم تكف عن أمرك وكان عليك ضرر في مخالفة أمرها بالنمص، كما لو كانت تضربك ضربا شديدا ونحو ذلك؛ فليس عليك إثم في هذه الحال، ولكن الإثم على الأمّ.
وننبهك إلى أنّ حقّ أمّك عليك لا يسقط بإساءتها إليك وظلمها لك وأمرها لك بالمعصية؛ فعليك مصاحبتها بالمعروف، ولا تجوز لك الإساءة إليها.
اقرأ أيضا:
هل يضمن الأمين إذا تلفت الأمانة بغير تعد منه ولا تفريط؟اقرأ أيضا:
نسي الإمام التشهد الأول.. فما الحكم؟